أيها المثقفون، أين أنتم بينما السياسيون يكنسون تونس؟

أيها المثقفون، أين أنتم بينما السياسيون يكنسون تونس؟

لا أؤمن بسياسة ناجحة بلا تنوير فكري سابق لها. ولا أؤمن بفكر سياسي مستقل لا يستقي استقلاليته من معين الثقافة الواسع الشاسع. ففي هذا الوقت الذي تتوالى فيه المبادرات السياسية، بعضها لتهدئة الخواطر، وبعضها لتسوية الوضع العام، وبعضها لجلب الاهتمام الشعبي لها دون سواها، وبعضها لعرقلة مبادرات الآخرين، وهلم جرا، لا يسع المثقف إلا أن يستاء لحالة الاستلاب للسياسة التي يعيشها المجتمع بأكمله ولحالة الركود الفكري الذي لا يبرره لا حرارة الطقس الصيفي ولا فعاليات شهر رمضان المعظم.

أنا شخصيا حاولت المبادرة ثم حاولت. وحاولت ففشلت. وهل من وزن لفرد واحد أمام الزخم السياسوي الهائل الذي تعيشه الساحة؟ وهل من إنقاذ لتونس من دون تكتل المثقفين لكي يناهضوا المخططات التي باتت واضحة وضوح الشمس والتي ترمي إلى تركيع شعب تونس ومقايضة الحرية التي اكتسبها بفضل الثورة، مقايضتها بالأمن من جهة وبالتبعية للأطراف الأجنبية المتنافسة على تونس وبالأكل والشرب وبارتداء الحجاب وبأداء صلاة التراويح.

حتى لا يقع تأويل كلامي خطأ أعلن أني مثقف متدين بل أؤمن بأن عقل المسلمين في دينهم. لكن الإسلام الذي أؤمن به ليس الدين الذي يبجل المظهر على الجوهر مثلما أرى من حولي وبصفة متفاقمة تنم على الجهل والتواكل.الإسلام دين السياسة العامة ودين الإصلاح العام ودين الحرية الأساسية ودين الرقي الحضاري. لكن اين القوى المثقفة والسياسية التي تؤمن بالإسلام الإيجابي، الإسلام العلمي والاستراتيجي؟ إنها غير موجودة. وما لا يوجد توَجب علينا تشكيله وتكوينه. وإلا فعلى تونس السلام وعلى بلاد الإسلام وعلى الدنيا السلام.
محمد الحمّار