Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
22 mars 2012

ماذا لو نعيش كأنّ الأحزاب والسلطة غير موجودة؟

ماذا لو نعيش كأنّ الأحزاب والسلطة غير موجودة؟كلكم راع


في بلد مثل تونس تكونت الأحزاب قبل تشكل الوعي لدى المواطن بضرورة تفويض واجبه وحقه في التعبير عن حاجياته وشواغله إلى هيئة اسمها الحزب. بل نشأت الأحزاب قبل أن يعي المواطن ماهية حاجياته وشواغله. هذه إشكالية التمثيل الديمقراطي كما هي في الأصل وكما هي باقية على حالها من دون علاج إلى الآن. إذ إن الاحتقان الذي يعيشه مجتمعنا اليوم هو من تبعات هذه الأزمة. وهو احتقان يتسم بالخصوص برداءة العلاقة بين السلطة والأحزاب من جهة وبين المواطن والأحزاب من جهة ثانية وبين المواطن والسلطة من جهة ثالثة كنتيجة لذلك. فما الحل؟


في هذا السياق يكون السؤال: ألا يجدر بالمواطن أن يجرب، على الأقل في مستوى التصور والنظر، أن يعيش بلا أحزاب؟  هكذا يمكن القول إن هنالك أبعاد أساسية لا بد على المواطن أن يؤلفها لكي يتدارك ما فاته في باب الحوكمة الذاتية وعلاقتها بالحوكمة العمومية. ومن أهم هذه الأبعاد المفقودة نذكر ما يلي وذلك بالتناسب مع وضعيات من الواقع الراهن وبالتناسب مع الحل الملائم:


أولا، يعول المواطن كل التعويل على الأحزاب بعد أن كان يعول كل التعويل على السلطة الحاكمة في النظام الاستبدادي. ولا أرى فرقا بين هذا وذاك. لقد تحوّل مجتمعنا من حالة استبداد سلطوي إلى حالة استبداد حزبي. وينعكس الاستبداد في احتواء حزب النهضة حتى على حلفائه في الترويكا فضلا عن محاولة استحواذه على الرأي العام السياسي بأكمله، حلفاء وفرقاء. و عدم رضاء  المعارضة وشرائح عديدة من الشعب عن أداء الترويكا المغشوشة دليل على ذلك.


ثانيا، لا يفعل المواطن شيئا للتعبير عن تصوراته للمستقبل. إنما هو في المقابل لاقٍ بنفسه في دوامة من الفوضى بعنوان تراكم المشكلات السياسية مثل التجاذبات الحاصلة في داخل المجلس التأسيسي وخارجه، وتفاقم المشكلات الاجتماعية مثل البطالة وغلو المعيشة. بينما المطلوب منه تجاوز الوصف الواقعي والارتقاء بفكره إلى حالة يكون فيها واصفا للواقع الذي ينبغي أن يكون والذي ينبغي أن يعوض الواقع الفاسد. في هذا السياق اللوم كل اللوم على المواطن لإساءته، بل ولجهله، التعامل مع أجهزة الإعلام المختلفة فضلا عن جهله بآليات التعامل مع الأحزاب ومع السلطة. والمعضلة أنه يتهم الإعلام بأنه فاسد بينما هو لا يضغط عليه كي يحوله إلى مرآة عاكسة له بأكثر قدر من الأمانة.


ثالثا، يفتقر المواطن إلى الحس الاتصالي وإلى الحس التعاوني وإلى الحس الالتزامي، وهي مهارات كفيلة بأن يطوّع المواطن بواسطتها الإعلامَ والأحزابَ والسلطة لإرادته، إرادة الشعب، محرك الجهاز الديمقراطي. فهو يرفض المبادرة بالفكر وبالمهارات الثلاثة بخصوص علاقته بذلك الثلاثي المؤسساتي (الإعلام والحزب والسلطة) ويكتفي بالمبادرة بالمحاكاة الغريزية مثل قيامه بأفعال تضامنية بين الفينة والأخرى إزاء الفئات المحرومة أو ضحايا الكوارث الطبيعية . وهو يفعل ذلك فقط لإرضاء نفسه وليعوض عن استقالته الفكرية والسياسية. بينما التضامن الاجتماعي لا يمكن أن يستدام حين لا يكون مستندا إلى التضامن السياسي: في ما بين المواطنين أنفسهم ثم بين المواطنين من جهة و الأحزاب من جهة أخرى وأخيرا بين الأحزاب من جهة والسلطة الحاكمة من جهة أخرى.


بالنهاية لا تنفع الخبرات السياسية والاقتصادية والعلمية والمعرفية وغيرها مما يتوفر في بلد مثل تونس لمّا لا يتمتع الفرد و المجتمع بآليات الاتصال والتعاون والالتزام التي من شأنها أن تحول الخبرات إلى أدوات لتفعيل الإرادة الفردية والجماعية في كل مجالات النشاط. والذي يمكن تصوره كحل عاجل هو التفكير بمنأى عن وجود أحزاب وحتى عن وجود سلطة حاكمة. إذ عودة الفرد إلى نفسه شرط لعودة المجتمع إلى نفسه وبالتالي شرط لبلوغ المواطنة. ثم ما المواطنة إن لم تكن نسخة معاصرة لمعنى الحديث الشريف "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"؟


محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité