Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
19 mars 2010

إيران تكسب والعالم العربي يَحسب

إيران تكسب والعالم العربي يَحسب


غريبٌ موقف العرب ثقافة وسياسة وفكرا تُجاه الملف النووي الإيراني. لقد شاءت الذهنية السلبية، وهي عبء موروث أكثر منه سِمَة نحن مَجبولون عليها، أن يرضى المجتمع العربي والفرد العربي، إن المثقف أو الأمّي، إن السياسي و المفكر أو رجل الشارع، بوضعية المتفرّج السلبي أمام مشهد الشد والمد والجزر بين إيران من جهة وما يُقال إنهم خصومها، بخصوص برنامجها للحصول على الطاقة النووية. لنرى هل يُعقل أن نبقى مشدودين إلى أبواق الدعاية المُوَجَّهة، وبالتالي الخطيرة على الوجود العربي، ومن ثَمّ أن نبقى مُستلبين هكذا إلى مصادرَ قرارٍ غير مَصدرنا الذاتي، وهو خير مُزوّدٍ للبناء: الشخصية العربية.

بالرغم من عدم انصياعي للتبرير التآمري، إلاّ أني ألاحظ أنّ مسلسل إيران مع الغرب بخصوص الملف النووي يُذكّرني في عديد المسلسلات التي من سِماتها المميزة أنها محبوكة بطريقة لا تنطلي إلاّ على مَن لا يملِك الوزن المُضاد لمخططات الزور والبُهتان. وتلك المسلسلات منتوجات دعائية عادةً ما تستند إلى كلمة حقّ تُولّد منها ذريعة باطلة، مُبطلة لذلك الحقّ بالتحديد. وهذا خطر بات مُحدقا و كذلك نافذ المفعول منذ أن أدركتُ أنّ للعرب قضية.

والأغرب من هذا أنّ الجهات الدعائية العربية، لا الجهات المعروفة بالولاء لأعداء العرب ومُنافسيهم، هي التي تتورّط في نهاية المطاف في توصيل الحقّ في ثوبٍ من الباطل إلى المتقبّل العربي للمعلومة، مع تعنّتها في الفهم أنّ الحقّ نجا من عملية التحوّل إلى باطل. أمّا وسيلة الإبطال فهي لا شيء غير تكبيل الحركة، وما أدراك ما الحركة في كلّ عملية ِبناءٍ وتشييدٍ، لدى السامع والمُشاهد والقارئ العربي.

في هذا السياق أعتبر أنّ تناول القضية الفلسطينية من طرف الإعلام العربي أوضح نموذج لبُطلان الحق وهو في طريقه إلى مسامع وعيون المتقبّلين العرب. وهو بالتالي أدلّ نموذج على تكبيل الحركة  لدى مَن يرغب فيها ابتغاء إعداد ثمّ بناء الوزن المُضاد لأية حركة مَشُوبة بالزور والبُهتان.

فنضالُ الشعب الفلسطيني الشقيق من أجل الحرية و الانعتاق والسيادة والارتقاء، حقّ. ومع هذا حاولتُ أن أفهم، ولَم أُفلِح، لماذا لم يُحاول الإعلام العربي إبداع أشكال من المقاومة الإعلامية تكون أكثر نجاعة من تلك التي شهدتُ عليها مُنذ نشأتُ ومنذ أن ابتدأتُ متابعة الأخبار على جهاز الراديو. وهي أشكال، كمِثلها من أساليب التناول الديني والتربوي عندنا، تعتمد النقل وتُلغي العقل، تُعلمُ ولا تُعَلّم، تُصَبّر ولا تُعبّر، تُثَوّر ولا تُنوّر.

واليوم أيضا لا أعتقد أنه ستحصل لديّ قناعة بالجدوى من وراء بثّ الوابل تلو الوابل من الصور التلفزيونية الدامية لأطفالٍ تُقتطع أجسامهم الطاهرة في غزة (أواخر سنة 2009 وبداية 2010) أو لأمهات أثقل الإملاق ممشاهُنّ أو لآباء حَفِيت أرجلهم من وطء الصعيد بحثا عن لقمة العيش. لستُ ضدّ الدعاية بالصوت والصورة لغاية تحسيس العالم الجاهل بإنسانية الشعور بمعاناة الشعب الفلسطيني. ولكني أُؤمن أن لا غاية تُرجي من الإعلام لمّا لا يتوخّى بناء المعلومة بنفسه عوضا عن استيرادها من الجهات المتعاطفة مع الصهيونية.

بناء على ذلك كان يتوجب أن تكون صُور غزّة وصور أطفال غزّة الشهداء، والشاهدين على عنجهيّة الإنسان المادي والإنسان الرّب، مُوجّهة من باب أولى وأحرى إلى الغرب من مسيحيين ويهود ومن لف لفهم. نحن نعرف ونزيد ما جَرَى وما يجري في الأراضي المُحتلّة وفي فلسطين بأكملها. ولكن إذا كان عرفُنا لم يُعلّمنا كيف نقلب الأمور فنوجّه المعلومة إلى من يجهلها أو يتجاهلها، فلا هو عِرفٌ ولا معرفةٌ ولا علمٌ ولا عرفانٌ لشعب فلسطين المُناضل

على غرار قضية العصر، يمكن القول إنّ العراق أيضا بانتظار استفاقة الوعي واستنارة الذكاء العربي لكي يستخدم البنائية في مُناولة المعلومة. وليست مسألة الملف النووي الإيراني بمنأى عن غرض بناء إعلام عربي فاعل، فعّالٍ لِما يُريده العرب بخصوص فلسطين والعراق وغيرهما. إذ الأحرى أن يتوقف الإعلام عن أن يكون إعلاما ناقلا لِما يسطّره الغرب من أضغاث أخبار عن صراعه مع إيران (من بين أشياء أخرى) تضرّ بنا كالقنبلة الذرّية ولا تنفعُنا قيد أنملة.

إنّ نقل الخبر عن الغرب، مَثَلُه مَثلِ النقل الذاتي لمّا يكون فاقدا  للوزن البنائي المُضاد للدعاية، لا يُربحنا شيئا، بل يُخسرُنا طالما أنه يفرض علينا أن نقبع في وضع المستهلك لحَلقات مسلسل (المسلسل النووي الإيراني). وليست فرضيّة التعاطف مع بلد مسلم (مثل إيران) من أجل حقه في اكتساب الطاقة النووية ربحا، بل التعاطف ظنٌّ يستهوي الغرب وإيران على حدٍّ سواء. يستهويهما التعاطفُ بسبب عِلمهم أنه يستهوينا نحن كحقّ (حقّ التعاطف مع أخيك المسلم)، ولكن يتوجّب علينا اليوم أن نعتبره وَهمًا لأنه  وصَلنا في غلاف من الباطل وقد يكون لا قدّر الله محكومٌ علينا، بالتالي، التغذي منه إذا لم نستشعر الخطر ونشيّد البناء الذي يُضاهي ويُنافس أو يُكمّل ما يبنيه هؤلاء (الغرب المُدافع على وجوده كمركز للعالم) وأولئك (إيران المُتنازع على حقّ الظفر بآليات النفوذ). ذلك البناء خيرُ المُفاعلات النوويّة التي يتحتّمُ على العرب امتلاكها.

بالتأكيد، لَهؤلاء و أولئك بِناءُهم، ولنا بناءُنا. أمّا أن نحسبَ ما يَكسِبون، فليس الحساب لفائدة الغيرأو حساب ما يكسبه الغير من شِيم العرب، و لا هُم بترْكهِ سَيحزَنون.

محمد الحمّار
باعث "الاجتهاد الثالث" و "مشروع اللغة والإسلام"، تونس

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité