Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
25 juillet 2010

علّم المسلمين دينهم أثناء إنجازهم لعمل

علّم المسلمين دينهم أثناء إنجازهم لعمل

لا تَسألْ مُسلم اليوم هل هو مُسلم بل اسْأل ماذا عساه أن يُنجز من عملٍ بصفته مُسلما، لماذا سيفعل ذلك، وكيف سيفعل ذلك. فالإسلام تعلّمَه أمّا الإنجاز انطلاقا من الإسلام فجهَله وما زال يجهله.

فعلاً إنّ تخلف أمة العرب والمسلمين في ظاهره معرفي و علمي و تكنولوجي ولكن في باطنه منهجيّ. والغريب أنه لمّا تستعصي الإجابة على العارفين والباحثين المؤمنين بخصوص أسباب التخلف وسبل النهوض،  يُقال إنّ الأمة لن تنهض إلاّ عندما تعود إلى دينها.

لذلك لم يعُد من المعقول أن نشكو من تقدّم الغرب علينا بمئات السنين أو عن أزمة في اللحاق بركب الحضارة أو عن تنامي نسبة الأمّية  أو عن الفقر أو عن كثرة النسل أو عن عزوف الشباب عن المطالعة أو عن غيرها من المشكلات، لأنّ هذه الأخيرة لن تُحلّ طالما أنّه يُنظرُ إليها كأصولٍ في التخلّف والحالُ أنّها فروع له، مشابهة في تنوّعها لمشكلات اللغة، التي هي بدورها مشكلات تمثل فروعا متعددة لنفس المشكل المحوريّ - التخلف - ؛ طالما أنّه يُنظر إليها كعلل منفردة، ترى كلاها مُنَصّبة نفسها كعلّة يتوجّب علاجها على حِدة، منفصلة عن أيّ حبلٍ رابطٍ لأوجه التخلف المتبقية.

والذي يُعكر صفو العقل العربي الساعي إلى إيجاد الحلول المناسبة هو أنّ اعتبار تلكم المشكلات أصولا، لا فقط يساهم في حجب العلة الأصلية ويقضي بالالتصاق المرَضي بالظواهر، بل أيضا يدعّم، لدى المفكر و الباحث و العالم و الإعلامي و السياسي وغيرهم من المهتمّين بشأن النهوض  الحضاري، الإذعان لقراءات للتخلّف بمعايير في ظاهرها كلّية وصالحة لكلّ الثقافات ولكنها في باطنها نتاجٌ لفكر التقدّم الغربي، وبالتالي فهي ضامنة للتقدّم في داخل نسق التقدم و لِمن هم متقدّمون بعدُ، ومكرسة للتخلّف لمن هم متخلّفون بعدُ، أي لمن اتبعوا إتباعا وتيرة نسقٍ صنَعه الآخر لنفسه .

إنّ التفكير، على تلك الشاكلة، بواسطة آليات الآخر المتقدّم، صار يشكل فكر التخلّف الذي نحن مُبتَلون به، ومن المفروض أن نشرع الآن في دحض هذا التفكير لاستبداله بآخر يكون مُولّدا لفكرا لتقدم المنبثق منّا. ويبدأ التأسيس الفكري بتوليد الكفاءة في النظر إلى الأصل كأصل وإلى الفرع كفرع وإلى المقدمة كمقدمة وإلى النتيجة كنتيجة وإلى الشرط كشرط وإلى الحاجة كحاجة وما إلى ذلك من ركائز النظر والتفكير. واستحداث مثل هذه الكفاءة يتطلّب استخدام فكر الأمم المتقدمة كإضافة منهجية لا كنسق يتوجب الاستمرار في إتباعه شرعة ومنهاجا.

ومن المفارقات أنّ ما جعل تلك المعايير وغيرها تنقلب رأسا على عقب ليست المغالاة بتقليد الأمم المتقدمة في طريقة تفكيرها ومنه في طُرق عيشها بقدر ما هو الحرص الشديد على التقدّم والرقيّ ولَو من دون تملّك الكفاءة في حُسن النظر. وكانت النتيجة أننا أضحينا كالذي يحرث في الماء.

فلنرَ أين تظهر بعض عيوبنا الناتجة عن اعوجاج النظر، ثم لنكشف عن طبيعة الكفاءة المطلوب إنشاؤها في ثقافتنا المعاصرة ولنقدّر قيمتها بالنظر إلى غاية ضمان غد أفضل للأمة.

بادئ ذي بدء لا يجب أن تتعجب لمّا تلاحظ، في واحد من المجتمعات العربية ( أهله شديدو الانفعال ، ما يجعله لا يعرف  لتغطية عيوبه سبيلا، لا بالدين ولا بالكلام المعسول والمنمّق) أنّ  كلمة "افعَلْ" صار لها معنى "لا تفعَل" و"قِف" أضحت المقصود منها "سِر" واليمين (في قانون الأولوية للعربات) تحوّل إلى شمال، وفعل "آكل" يعني كل شيء إلاّ الأكل، والزبون الأخير في الطابور (في المتاجر والمحلات والأماكن العمومية) أضحى يتمتع بحق قضاء حوائجه قبل الأوّل في نفس الطابور.

وقد يكون مثل هذا التهاون في الحق الإنساني، الشخصي والعام، في داخل المجتمع العربي الإسلامي بالذات،  ساهم بقسط وافر، وبصفة غير مباشرة، في تنكر العالم بأسره للحقوق المشروعة للعرب والمسلمين على الساحة الدولية، في فلسطين وفي أفغانستان وفي العراق على وجه الخصوص. وليس هنالك سر في هذا الصنف من العلاقة السببية: فهل يجوز أن يلقي الإنسان العربي و المسلم كل اللوم على الآخر بدعوى أنه لم يمنحه حقّه، في حال أنّه لم يُوِل أية عناية لحقّ نفسه عليه وبالتالي لحق الأناس المتعايشين معه عليه؟

إنّ الانقلاب الرأسي في المقاييس وفي الموازين وفي القيم إذن مسألة تربوية في جوهرها بالرغم من أنّ المجتمع لا يأبى فهمها إلاّ على أنها معركة سياسية صرفة يدور رحاها بين من "يحبون" الإسلام ومن "لا يحبّونه" . وهذا الحرص المجتمعي على فهمٍ دون آخر يُعدّ بحدّ ذاته تأكيدا لتقلب الأنساق، وهو من مخلفات التخلّف المنهجي، حيث أنه، إن ساهم في شيء، فيساهم في تكريس الحلقة المفرغة التي آل إليها هذا الصنف من التخلف المستعصي.

من جهة أخرى، الفهمُ شيءٌ ومعالجةُ ما فُهِم شيء ثانٍ. صحيح أنّه يتوجب فهم الانخرام في المنظومة التربوية، من الزاوية السياسية بالإضافة إلى فهمه من الزاوية التربوية. لكن تظهر الصعوبة والحساسية العالية لمّا يتعلق الأمر باختيار الكيفية اللازمة لتناول المشكلة. والاختيار الذي أراه غير صحيح هو معالجة مشكلة تربوية بأدوات سياسية تآكلها الصدأ، وذلك لأنها من منتجات التخلف المنهجي.

من هذا المنطلق أفترض أنّ تفعيل الإسلام بتوظيفه في مشروع النهوض الحضاري للعرب والمسلمين، بالشكل الذي يُرضي المسلمين ويُطمئنهم على أحوالهم، إنّما يكون مشروطا بالانكباب الحازم على إنجاز البرامج والأعمال المزمع إدراجها في المشروع، أي لا يمكن أن ينجح تفعيل الإسلام من دون هدف عملي.

وهذا المنهاج تسمح  به معظم النظريات والمقاربات المعرفية سيما تلك المتعلقة بالبحث الميداني، سواء في مجال الإنسانيات، وفي اللغة وعلوم التربية بالخصوص، أو في الطبيعة أو في المجتمع.

كما أنه منهاج من الإسلام يكرس العمل والإيجابية في السلوك العملي حتى وإن كان ذلك في آخر لحظات العمر، كما جاء ذلك في معنى الحديث: "إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة (نخلة صغيرة) فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل" (رواه أحمد والبخاري) وفي معنى الحديث:" من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له" (رواه الطبراني).

وهو منهاج فارض نفسه في وقتٍ يُلاحَظ فيه أنّ الحراك الديني السياسي يتسم بنوعٍ من العناد المُمَنهَج والمتمثل في تبجيل شرطٍ على حاجةٍ؛ الشرط العقائدي على حاجة المسلمين إلى بلورة وإنجاز برامج للرقيّ والتقدّم. فالمشكل المطروح هو تحدٍّ منهجي يقضي بتبجيل نتائج العلوم الحديثة على طرقٍ بالية في التفكير وفي التصوّر. والهدف من هذا التحدّي هو المساهمة في فك ما احتبس في مستوى التواصل بين المسلم ودينه، وبين المسلم والمسلم، وبين المسلم والآخر غير المسلم، وبالتالي في اختصار المسافات نحو الحضارة.

و ما دمنا بصدد فك ما أسميته "الاحتباس التواصلي" فلنُذكر بأنّ الإسلام عُرف في زمن البعثة المحمدية بتحرير المستضعفين وبتحويل وضعياتهم العقدية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية نحو الأفضل. ثم عُرف الإسلام، عبر العصور، بقدرة عجيبة على الانتشار في كافة أصقاع العالم بالإقناع. ولم يكن استعمال السيف لا وسيلة لنشر الإسلام ولا توصية إسلامية للقيام بذلك، وإنّما وسيلة من وسائل دفاع البشرية المسلمة عن حريتها في بث الدعوة بمقتضى قانون العرض والطلب بين الباث والمتقبّل. وفي العصر الحديث أبدى الإسلام كفاءة جدّ عالية في دعم حركات التحرر الوطني من الاستعمار المباشر.

وفي  تلك الحالات بأكملها كان الجانب الإسلامي الأكثر فعالية هو الجانب التواصلي، ولم يقتصر المسلمون، لإرضاء الخالق، على أداء المناسك وتطبيق الأركان الخمسة الشاهدة على الكفاءة الدينية. ولكن اليوم نلاحظ أن هذه الأخيرة هي المستدامة، لكن الكفاءة التواصلية شبه منعدمة. فالكفاءة التواصلية ستكون أفضل مثال على عملٍ غير مُنجَز لا بد من إنجازه، اكتمالا للدين وفي الوقت ذاته تدعيما للدنيا، بل تزكية للديني بالدنيوي.

بالتأكيد لنا كفاءة دينية وهي تتمثل في المساجد والجوامع والأئمة والوعاظ ، وكذلك في مناهج التعليم الديني، المدرسي وقبل المدرسي. لكن ليس لدينا كفاءة تواصلية، وهي كفاءة في استخدام الدين لأغراض وجودية وحيوية ووقائية، تتأسس من منطلق العبادات لكنها تنمو وتقوى بحسب نجاح المؤمن في الوَصل بين العبادات من جهة والأخلاق والمعاملات من الجهة المقابلة.

ولنضرب مثلا عن حالة برز فيها غياب التواصل لدى المسلمين، ما أدى بهم إلى تكريس الانهزام. فقُبَيل اجتياح العراق في سنة 2003 لم يقدر المسلمون على إقناع العالم أنّ هذا البلد لا يملك أسلحة الدمار الشامل. وبالتالي فشلوا في أن يثنوا أمريكا عن قرارها بضرب هذا البلد الشقيق.

كما أنّ العرب والمسلمين لم يتربّوا على إنجاز منظومة من الصنف المضاد للدعاية الصهيونية ومنه التوصّل إلى ضم صوت العالم بأسره إلى صوتهم للبرهنة على عروبة فلسطين واستحقاق عيش أهلها على أراضها في أمان.

ثم إننا معشر العرب والمسلمين لسنا ماهرين بعدُ في تبليغ صورة وفيّة عن الإسلام، دين العقل والعلم والتواصل وما يجسد ذلك من قيم مثل العدل والإخاء والتراحم والتكافل والإحسان. كيف لا وحتى في داخل المجتمع العربي الإسلامي ترانا متمادين في ترويج إمّا ثقافة الوفاة والقبور، غير عابئين بأولوية مد الجسور، وإمّا ثقافة البرقع و المنارة، غير مكترثين بمدّ الطرق السيّارة. وهل من أداة تستوجب النحت والبناء لغرض تعديل نظر المسلمين، ومنه لغرض صناعة ما كان يتجاوز ذكاء الصانعين، أفضلُ من الكفاءة التواصلية؟

محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité