"البقية الرافضة" و"الديمقراطية الجزئية"

"البقية الرافضة" و"الديمقراطية الجزئية"

في ضوء عزوف قرابة نصف الناخبين الافتراضيين عن تسجيل أسمائهم في قوائم الانتخابات المزمع تنظيمها في يوم 23 أكتوبر المقبل لا يسع الملاحظ إلا أن يستخلص العبرة من ذلك ويفكر في أسلوب ناجع يتسق مع العبرة المستخلصة.

ما معنى أن يعزف قرابة ثلاثة ملايين من أصل سبعة عن التسجيل؟ يعني ذلك أنه عمليا هؤلاء سوف لن يكون هنالك من يمثلهم في المجلس التأسيسي. كما يعني ذلك أن نسبة عالية من هؤلاء لم يسجلوا لأنهم لم يستسيغوا  فكرة الانتخابات، لا من ناحية الفكرة ولا من ناحية الطريقة. ففكرة الديمقراطية غير واضحة في  أذهان الكثيرين (وهي كذلك حتى من بين الذين سجلوا أسماءهم). وطريقة انتخاب المجلس التأسيس مبهمة لدى الملايين.

   من سينتفع من الانتخابات والحالة هذه وفي حال الإبقاء على الشكل المتفق عليه وعلى الفلسفة المتداولة؟ طبعا سيكون المنتفعون أصحاب النفوذ المالي والسياسي ومن ورائهم القوى الأجنبية. فالأرجح للظن أنّ الذين لم يسجلوا  هم من "الأغلبية الصامتة". وهي أغلبية غير مسيسة ولا يهمها معرفة خبايا الأمور الجيوسياسية والإيديولوجية.

لكن لو تم تحسيس هذه البقية الرافضة، غير المسجلة، لجملة القضايا المتشعبة التي تستوجب أن يكونوا من ضمن من يُدلون بدَلوهم في التصورات العامة لمستقبل البلاد، لكوّنوا قوة ذات بال.

ولكي نحافظ على هذه القوة الافتراضية الرافضة لا بد أن نقرأ لها حسابا في المنظومة الديمقراطية. كيف ذلك؟ يمكن مثلا، مع الإبقاء على شكل الانتخابات كما تم الاتفاق عليه، أن يقع استحداث عدد من المقاعد (يقع درس نسبتها وتحديدها في ما بعد) لتكون عامرة بعدد متساوي من الأعضاء المستقلين يمثلون البقية ا
لرافضة. ويتم تعيين هؤلاء الأعضاء أو انتخابهم، بالتوازي مع الانتخابات الأصلية، من طرف لجنة مختصة تأخذ بعين الاعتبار مقياس التمثيل الجهوي النسبي.


بعبارة أخرى يكون الرصيد من المقاعد المستقلة الممثِّلة للبقية الرافضة مجلسا موازيا للمجلس التأسيسي من الممكن تسميته "المجلس التأسيسي الاستشاري". ويكون هذا المجلس المستحدث تهيئة لتكوين مجلس استشاري ينضاف إلى مجلس النواب الأصلي في البرلمان اللاحق.

 أعاننا الله وإياكم على ما فيه الخير لتونس وللأمة العربية والإسلامية وللعالم.