Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
11 novembre 2011

نظرية "الفوضى" تطالُ المدرسة العربية: ناقوس الخطر يدق

نظرية "الفوضى" تطالُ المدرسة العربية: ناقوس الخطر يدق

  نظرية "الفوضى" أو ما يسمى أيضا "الفوضى الخلاقة" و "الفوضى البناءة" هي نظرية في فيزياء الديناميكا الحرارية، من بين مجالات أخرى في العلم التجريبي، طوّرها العالم إيليا بريغوجين (جائزة نوبل، توفي 1993) ثمّ نُقلت إلى الفلسفة فصارت تعني إجمالا ما يلي: كل نظام يتشكل من الفوضى ("الإنتروبيا")، ومآل كل نظام الفوضى، وهكذا دواليك. كما أنّ النظرية تطال كل الجوانب التي تنطوي على ثلاثة عناصر ذات أهمية حيوية للإنسان وهي الزمن والطاقة والمادة. وهي عموما نظرية تتناقض مع نظرية "التطور".

وتتلخص فكرة الفوضى المتحولة إلى نظام في أنّ الأحداث التلقائية تسير في اتجاه واحد ولا يمكن عكسها؛ فإن وضعتَ مثلا ملعقة من السكر في كوب من الشاي سوف تذوب جزيئات المادة في السائل، وبالتالي لا يمكن توقع رجوع هذه الجزيئات إلى شكلها الصلب وعودتها ثانية إلى الملعقة ، كما أن الشمس تحترق وتبعث بكميات هائلة من الطاقة الحرارية والإشعاعية والضوئية إلى الكون، ولكن لا يمكن توقع عودة هذه الطاقة الهائلة إلى الشمس بصفة تلقائية، وهكذا فكل شيء يسير في اتجاه واحد: الانحلال والفناء.

 ولا شيء يمنع من استخدام نظرية "الفوضى"، بحُكم طابعها العلمي، لتفكيك الفكر قبل إعادة ترتيبه على قواعد أمتن من التي كان مرتكزا عليها وثبتت هشاشتها. ومنه يمكن أن يؤول التفكيك والبناء إلى تغييرات إيجابية في حياة الإنسان والمجتمع. وذلك ربما يعلّل تطبيق المبدأ "الفوضوي البنّاء" من قِبل الفكر العالمي في عديد المجالات مثل السياسة والحروب والاقتصاد.

 لكن رغم ذلك يبدو أنّ هنالك خطرا محدقا قد تتسببُ فيه النظرية. والخطر يكمن نظريا في عدم المواءمة بين مبدأَي "الفوضى" و"التطوّر". ويحصل الخطر في حال التنفيذ المباشر للمبدأ "الفوضوي" (المسلوب من البُعد التطوري)عن طريق قوة سياسية وعسكرية مهيمنة في الواقع السياسي للمجتمع المهيمن عليه. والتطبيق المباشر يعني تجربة النظرية في "مخبر" المجتمع من دون مرور الأفكار المتعلقة بها عبر مصفاة الفلسفة والفكر في داخل النسيج الثقافي لذلك المجتمع المهيمَن عليه. وعندئذ تصير العملية تمريرا للفوضى ذاتها لا لنظرية "الفوضى" العلمية. 

وقد يكون هذا الذي حصل، ويحصل الآن، في مجتمعات فلسطين وأفغانستان والعراق أين القوة العظمى الأمريكية تسطو بالسلاح الفوضوي بقدر سطوها بسلاح النار أو أقوى. لقد بدأت الحكاية بالإعلام مثلما بينه الأخصائيون (1). وتمثل ذلك في تشجيع انتشار فضائيات عربية (وغير عربية) تركب صهوة الحرية والديمقراطية وتتستّر بحقوق الإنسان وتتشدق بالبناء وتبشر بالتغيير، معتمدة تقنيات معينة لتفجير كل ما هو جسم (إعلامي) كلي إلى "جزئيات" لن تعود ثانية إلى مجراها الأصلي. وهذا في حقيقة الأمر يُعدّ إثارة لتفجير ليس له مبررٌ علمي، ما يجعله إتباعا ضالا ووقوعا في فخ الإعلام الفوضوي الذاتي المكرس للفوضى الحقيقية. 

كما أنها عملية هجينة نظرا لغياب الدافع التطويري فيها. ولن تكون عاقبة مثل هذا الصنيع إلاّ إثارة البلبلة في العقل المجتمعي ككلّ، ومنه اختلاق حاجيات أخرى تضاف إلى الحاجيات الأصلية للمجتمع القُطري والعريض على حدّ سواء. وهو يُعدّ، بلغة السياسة والسياسيين، "تدجينا لقضايا الأمة العربية الإسلامية واستجابة لاواعية وغير مسئولة لموجبات مشروع 'شرق أوسط جديد' ذي التصميم الأمريكي الصهيوني". 

وليس من باب الصدفة أنّ الأوضاع لم ترَ الهدوء ولا التسوية لا في أفغانستان ولا في فلسطين ولا في العراق. والله هو الأعلم بمآل الفوضى في هذه المجتمعات الشقيقة. والشيء من مأتاه لا يستغرب إذ إنّ "الفوضى" العلمية تخضع لمنطقٍ ما (منطق زوال الطاقة)، وإن كان على الفكر أن يطبق المبدأ ذاته في الفلسفة والثقافة، فيتوجب أن تحدث "الفوضى" بشكل طبيعي تكون فيه مستجيبة لمنطقٍ داخلي تتحكم به آليات المجتمع المعني بالتغيير دون سواه. 

وهذا لم يحصل في المجتمع العربي الإسلامي. وإلاّ فأي منطق (داخلي) هذا الذي قد خضع له سحق أفغانستان، وأي منطق هذا الذي قد أثار تفكيك العراق، وأي منطق هذا الذي آل إلى محاولة فصل غزة عن فلسطين؟ إنّ المشهد الحالي واضح لا غبار عليه: قوة طالبان عائدة إلى الساحة السياسية في أفغانستان؛ ونبذ الاحتلال في العراق يقوى يوما بعد يوم؛ والفصائل الفلسطينية المنشقة عن بعضها البعض بدأت بتوخي التروي والتفكير في الصالح الداخلي العام. 

وفي سياق متّصل، آملُ أن لا يكون من باب الصدفة ولا التفكير السحري ولا العقلية التآمرية أن ألاحظ، كمدرّس أعتني بالشأن التربوي المَدرسي عنايتي بالشأن التربوي على الصعيد الأكبر، أنّ المدرسة العربية اليوم قد تكون في عنفوان ما يسميه علماء الاجتماع، بالاستئناس بعلماء الأوبئة، "نقطة التفشي" ("التيبنغ بوينت" بالانكليزية)، وهو الزمن الذي يبدأ فيه وباءٌ في التفشي والظهور للعيان بصفة جلية بعد أن كان نائما أو مخبّأ أو كامنا. 

والوباء الذي قد يكون سرى في جسم المدرسة العربية اسمه الفوضى. وهي فوضى هدامة وليست بناءة ولا خلاقة، كما سنرى. فهل من الصدفة بمكان أن تؤمّ المدرسة (الثانوية) اليوم شبابا تناهز أعمارهم القصوى التسعة عشرة عاما (في حالة عدم رسوبهم في الدراسة)، وهو عدد السنوات التي تفصلنا عن هجوم "الثلاثين" على العراق الشقيق (1991)، علما وأنّ ذلك التاريخ يشكل نقطة تحوّل خطيرة في سياسة الإعلام العالمي المهيمن بقيادة المحافظين الجدد في أمريكا، وبالتواطىء مع الصهيونية من أجل الشروع في تحقيق سيناريوهات مشروع "شرق أوسط جديد"؟ ناهيك أنه شبابٌ كان متوسط عمره 10 أعوام لمّا تمّ بث صور الهجوم على أفغانستان على الهواء مباشرة على مسامعه وأمام عيونه البريئة والحالمة بعالم عادل، و 12 عاما لمّا دخلت كاميرا الإعلام الفوضوي إلى جانب جيوش الاحتلال الغاصب لتنتهك عدستُها حرمة بغداد وكامل العراق، و15 عاما لمّا كادت تذبح ضميرَه صورة حبل المشنقة في رقبة أحد رموزه الكبار، و17 سنة لمّا أسدى له إعلام الخراب ضربة قاضية، بواسطة الصور الدامية لأطفال غزة . 

فبعد أن عاثت نظرية "الفوضى" الخام، غير المصفية لا فلسفيا ولا دينيا ولا علميا ولا فكريا، فسادا في المجتمع العربي الإسلامي العريض، مما جعلها تسمح لمنطق الترهيب والتهديد والشماتة أن يتشكل ليسندها، يبدو أنّها اقتحمت حرمة المجتمع المصغّر الذي هو المدرسة العربية وها هي تسكن في عقرها. وإلاّ كيف نفسّر التغيّب عن الدروس والتأخير في الالتحاق بالفصول، و التذبذب والتردد والتراجع و والمراوغة والتغييرات والتبديلات والتحويلات والتحويرات التي صار يتندّر بها ويشمئزّ منها المعلمون والتلاميذ على حدّ سواء في داخل الفضاء المدرسي في معظم البلاد العربية (2)؟ 

وحتى وإن لم يكن التندّر أو الاشمئزاز أو القلق أو الضجر متعلّقا مباشرة بتغيير في الموازنة السنوية(جدول الأوقات)  للتلميذ أو للمدرّس، بتحويل قاعة المخبر إلى قاعة ألعاب، بتبديل القاعة عدد6 إلى القاعة عدد 28، أو بمحاولة إرضاء التلميذ قبل إرضاء المعلم، فإنّ مجموع تلك المزايدات الأداتية والتقنية والتنظيمية هو الذي سيفرز حتما جوّا من الريبة الغير مرغوب فيه لأنه موَلدٌ هو بدوره للتسيّب والتهوّر. وهذا مغاير تماما للأجواء المثالية التي يجب أن تسود في كل فضاء مدرسي.

وأعني بالأجواء المثالية تَوفرُ الحد الأدنى من الاستمرارية في الأداء المدرسي، التعليمي والتربوي، والتسييري والإداري على حدّ سواء. فالاستمرارية نظام. وهو نظام لا يسمح بالتغيير والتبديل والتحويل والتردد إلاّ في حدود اتساق أيّ "بناء" مستحدث مع ثوابت هذا النظام. وإلا فإنه التخريب والخراب، والفوضى غير البناءة.

إنّ الاستمرارية في النظام مع قبول البناء المستحدث تتطلّب الحفاظ على منظومة الثوابت التي تهم المدرّس والتلميذ وأعوان التأطير والإدارة والتي تتحكم بالعلاقة بين الأطراف الأربعة. لا يمكن مثلا أن يتدخل عون التأطير (المشرف) في حركات المدرّس، ولا أن يبدّل هذا الأخير عمل الإدارة، ولا أن يتحكم تلميذ بمسيرة الإدارة أو المدرّس، ولا أن تهضم الإدارة أو المدرّس حق التلميذ.

والمسألة كلها تتطلب الكاريزمية في التنفيذ من قِبل المدرّس أولا والإدارة وأعوان الإشراف ثانيا. أما التلميذ فهو أمانة في ضمانة الأطراف الثلاثة الأخرى. والكاريزمية لا تتحقق بالإفراط في المحافظة على الأفكار السائدة أو في الاستبداد بالرأي، بل في مواكبة التطورات الاجتماعية والفكرية والحياتية لكي لا تفوت المدرّس أو الإدارة أو المشرفين فائتة عن شواغل الشباب المتعلّم وحتى لا يقع اتخاذ القرارات وإنجاز التحويلات والتبديلات من لدن الأطراف المسئولة بمنآي عن تلك التحولات والشواغل.

 ولكي تكون "الفوضى" بناءة وخلاقة داخل الفضاء المدرسي، لا بدّ للمعلّم وللمشرف وللإدارة أن يتقبّلوا السلوك "الفوضوي" الذي ينتهجه التلميذ المذعن لتغيرات العصر تحت ضغط "الفوضى" الإيديولوجية التي عرضتُها أنفا، بعقلية تتمتع بقابلية مستديمة لتحويل الفوضى إلى نظام. فالمربّي المعاصر إنسان يقبل الفوضى لكي يبث، على إثر ذلك، النظام. إمّا أن يكون هكذا في الظروف الراهنة أو لا يكون. ولكن الارتقاء بوضع المربّي إلى هذه المرتبة العليا من الحرفية يستوجب عملا جبّارا لا يقتصر على الفضاء المدرسي، مثلما سنرى لاحقا.

وإلاّ فالذي سيحصل، والذي حصل بعدُ، هو إصابة المنابع التربوية للأطراف المربية بالشيخوخة المبكرة لا تليق بمجتمع واسع طموح وطامع في المسك بزمام الحضارة من جديد، مما وجّه قراراتهم صوب إحدى الوجهتين الفاسدتين التاليتين: إمّا الاعتراف الضمني بتفوق العقل التلمذي على العقل المدرسي مع عدم التصريح بذلك لمحاولة الإصلاح الذاتي، وإمّا التمسك بمواقف صارت بالية مع رفض الاعتراف بغياب القدرة على التجديد ومواكبة العصر بناء على غلوّ في الأنفة والكبرياء. وفي كلتا الحالتين فالإذعان عنوة للتلميذ ولخياراته اليومية يصبح سيد المواقف. وهو ما يعلّل التسيب والتهوّر في سلوكيات الشباب المتعلم. لكأنّ المربي (المُؤطر والإداري والمعلم) يريد أن يكفر عن ذنبٍ ارتكبه باقتراف ذنب آخر: اختراق القانون، وهو المتمثل في النظام الداخلي للمدرسة، وكذلك السماح الضمني للتلاميذ باختراقه.

إنّ القانون من المفترض أن يكون الفيصل بين الكبار(الثالوث المربي) والصغار (التلاميذ). والقانون ضامن للحرية لا وسيلة للاستبداد كما بات يظنه عامة التلاميذ. أمّا الذي جعلهم يميلون إلى ذلك الظنّ فهو ظهور نمط من الاستبداد ناتج عن محاولة الكبار لتعويض  فشلهم في مواكبة الصغار بمنظومة قانونية انتقامية أقل ما يقال عنها هو إنها منافقة: لمّا أطلق الكبار العنان للصغار بعنوان الاستسلام لعقلية معاصرة لا يفهمونها، صاروا يمنعونهم   من القيام بأعمال لا مانع قانوني ولا أخلاقي من القيام بها، ويحرّمون عليهم ما لا ينطوي على سبب للتحريم. وهذا لبّ القضية.

لنضرب أمثلة على ذلك. فعون التأطير والمدرس وكذلك الطرف الإداري لم يعودوا يركزون اهتمامهم على أن يكون التلميذ مرتديا للباس المدرسي أو ملتحقا بالصف في الوقت المناسب أو منجزا للعمل المزمع القيام به في المنزل أو حاملا لكامل أدواته المدرسية أو مجتنبا للغش في الامتحان أو مشاركا في الدرس أو ممتنعا عن تعطيل الدرس أو محكما غلق هاتفه المحمول داخل قاعة الدرس أو غيرها من التراتيب والاحتياطات والواجبات، بل ترى الأطراف الثلاثة يغضون البصر عن بعض ذلك أو عن كل ذلك ليركزوا الاهتمام على أن لا يرتدي التلميذ قبعة وأن لا تحمل التلميذة آثار مساحيق التجميل على وجهها وأن لا يتخاطب شاب وشابة بمنأى عن المجموعة وأن لا يقتني الشاب أو الشابة قارورة ماء ليحملها معه إلى داخل قاعة الدرس وأن لا يشرب ماءا داخل القاعة وأن لا يشتكي التلميذ من رداءة ظروف المشرب أو بيوت الراحة وأن لا يذهب ليجلب مقعدا من قاعة مجاورة في حال النقص الحاصل في عدد الكراسي. ذلك هو تطبيق القانون في ما ليس فيه قانون مقابل الإلقاء عرض الحائط بالقانون الفعلي. وهذه هي الفوضى. وهي فوضى هدامة.

كما أنّ الفوضى لا تكون أبدا بناءة  لمّا تنكسر واحدة من ثوابت التدريس لدى المعلّم مثل تعمّد إدارة المدرسة إيفاد ممثل لها إلى داخل قاعة الدرس أثناء تواجد المعلم بها فيتسبب ذلك في انقطاع الدرس وفي تلاشي التركيز وفي انخرام كثير من آليات السير الطبيعي للعملية التعليمية. ولا يمكن أن يتأسس نظام جديد من الفوضى التي يولدها التبديل، سيما لمّا يطال التبديل جزئيات حيوية مثل تلك التي تستوجب أن يكون بمقتضاها دفتر المناداة وكراس القسم دائما على ذمة المعلم في بداية كل حصة وبكل صرامة.

ومن النتائج الخطيرة لاطراد الفوضى التي لا تولّد أي نظام ذي قيمة تناهزُ أو تفوقُ النظام القديم هو الانقسام الذي يحدث داخل إدارة المؤسسة بالذات، وبين الإدارة وسلك التعليم، وبين المعلم والتلاميذ. فالحل المتوفر حينئذ هو الحل الرديء. وهو الذي سيكون القاسم المشترك بين كل الأطراف: الانصياع للمبادرة الفردية العشوائية. فالغش في الامتحان، وهو واحد من أخطر الحلول الفردية التي أصبحت ظاهرة جماعية، يعدّ من رواسب الفوضى. واللجوء إلى الدروس الخصوصية يُعدّ وسيلة للهروب من الواقع عوضا عن مواجهة الصعاب بواسطة تضافر الجهود بين المعلّم والإدارة وسلك التأطير والتلاميذ.

ما هي الحلول الممكن إتباعها من أجل القضاء النهائي على الفوضى؟ أعتقد أنّ أوّل وآخر ما ينبغي إنجازه لا يتعلق بالمدرسة فحسب. فلا طائل من وراء إصلاح المدرسة بالوسائل المدرسية والميطا- مدرسية (المتعلقة بالأسرة خصوصا). إنّ المشكلة ذات طبيعة فلسفية أولا ثم اجتماعية وسياسية. لا بدّ من إعادة تعليم الشباب ما يلي:

- أنّ الحق حق والباطل باطل.

- أنّ القانون مجعول لفرز الحق من الباطل والباطل من الحق.

- أنّ من حق التلميذ أن يتوق إلى الحرية لكن ذلك يتم في حدود ما يسطره الحق والباطل أي في حدود القانون.

- أنّ الحرية لا تتحقق باختراق القانون بل باحترامه وتطبيقه.

- أنّ من يحترم القانون قد احترم نفسه قبل أن يكون قد احترم غيره. ومن احترم نفسه وغيره يمكنه أن "يتمرّد" على الحقيقة وعلى الثوابت ويشك فيها قبل أن يتأكد منها بنفسه لاحقا ربما، ولو كان في حالة إذعان للقانون، طالما أنّ "التمرّد" والشك والتشكيك والنقد وإعادة النظر إنما هي عمليات محبذة فقط في حال أنها تطال ما يؤسس للقوانين، أي في حال أنها تكون رامية، على المدى المتوسط والبعيد، إلى تعويض قانونٍ جارٍ به العمل لكنه بالٍ ولم يعد يفي بالحاجة، لكن لا يمكن لها بأية حال أن تدوس القانون الجاري به العمل نفسه. فالإبداع تجاوزٌ للقانون مع أنه إذعانٌ له في الآن ذاته. 

- أنّ "الفوضى البناءة" بالنسبة للمسلمين لا بد لها أن تكون منسوجة على منوال تفكيرهم. ومنوال تفكير المسلمين يرتكز على جدلية الثابت والمتحوّل.

- أنّه مثلما لا يسمح المتعلمون المسلمون لأنفسهم ولا لغيرهم بأن يمسوا ثوابت عقيدتهم ومثلما يوافقون على الاجتهاد في متحولات دينهم، لا بدّ أن يعلمهم الكبار هذا المنهاج بخصوص القانون الوضعي، سواء كان متعلقا بقوانين المرور أو بمراجع البيع والشراء أو بتراتيب العمل المصرفي أو بالنظام الداخلي المسهل للحياة المدرسية أو بغيرها من التشريعات في مختلف المجالات.

- أنّ تغيير المتحولِ في أمور الدنيا، كما هو في أمور الدين، يخضع للتصفية وللغربلة وللتكرير وللتصريف عبر السجلّ الفلسفي والفكري قبل تطبيقه في السجل العملي و السياسي.

- أنّ ما حصل من فوضى هدامة طالت المدرسة العربية قد جاءها مباشرة من السجلّ السياسي والإيديولوجي العالمي (من تهجين وتدجين قضايا الأمة في أكثر من بلد واحد)، من دون غربلة ولا تصفية ولا تصريف ولا تكرير و لا هُم يحزنون.

- أنه لا يمكن توظيف فلسفة التغيير الذاتي والاجتماعي والمدرسي بواسطة "الفوضى البناءة" إلاّ لمّا تكون خطة التغيير والإصلاح ذات تصميم ذاتي و وطني مائة بالمائة، مع لزوم تماس هذا التصميم، وبصفة مستديمة ومطّرِدة، بجذور الثقافة القومية، معتمدا جبهات العمل الفلسفي والفكري و التنظيري والإعلامي والاتصالي وكل ما هو علمي وحديث.

محمد الحمّار

الهوامش:

 (1) د.إبراهيم أبراش في مقال "الفضائيات، من ناقلة للخبر إلى صانعة للحدث"، 'ميدل ايست اونلاين' في 29-6-2010.

http://www.middle-east-online.com/?id=94492

(2) أعجبني مقال زميلة مصرية، أحلام الجندي: "وا تعليماه ...وا مصيبتاه"، نشر بـ"دنيا الرأي" بتاريخ 27-9- 2010.

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2010/09/27/210433.html 

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité