Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
15 janvier 2012

ما أُخذ بالدين لا يُسترجع إلا بالدين

 

ما أُخذ بالدين لا يُسترجع إلا بالدين

حزب "النهضة" يمكن أن يستمر في الحكم مدة طويلة بغير اللجوء إلى مرجعية دينية، لكن خصومه من الأحزاب العلمانية لا يمكنها منافسته بلا دين.


لقد أثبتت لنا التجربة الانتخابية الفائتة أنّ حزب النهضة لم يفلح في الحصول على عدد من الأصوات يضمن له الأغلبية النسبية (حوالي 42 في المائة من عدد الناخبين – أي مليون و400 ألف صوت من مجموع حوالي 4 ملايين ناخب؛ من أصل شعب يعد حوالي 11 مليون نسمة) إلا بتفعيل العامل الديني لدى الناخبين الافتراضيين. وما جولات وصولات زعيم الحزب راشد الغنوشي، وكذلك سائر رموزه، في أنحاء البلاد منذ وقت طويل قبل انطلاق الحملة الانتخابية إلا دليل على ذلك.


فلا أظن أنّ الألوف من المواطنين الذين خرجوا من بيوتهم ليُحيوا "القائد" من قرية إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى قد فعلوا ذلك باستشرافٍ منهم لأي برنامج انتخابي (حتى ولو كان هنالك واحدا سابقا لأوانه). في الحقيقة كان ذلك تفاعلا للحشود الشعبية مع روح الدين ومع عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ومع عبارة "الله أكبر".


وهذا أمر جميل ومرغوب فيه لكن لو حدث في وضعية معيشية عادية، لا في مناسبة سابقة لحدث انتخابي أين من المفروض أن لا يكون للوازع الديني تأثير مباشر على الفعاليات الانتخابية وعلى نتائجها، مثلما حصل.


علي هذه الحلبة بالذات خسرت الأحزاب العلمانية. وخسر معها أيضا حتى  المستقلون المتكلمون بالدين ولو كان اسم أحدهم عبد الفتاح مورو. ذلك أنّ "النهضة" في قاموس الوعي الشعبي كان المرادف الوحيد لـ"الإسلام" المتقدم للانتخابات.فلم تنفع المحاولة المستقلة في إضفاء تنوّع على المرجعية الدينية لانّ التاريخ لن يعترف إلا بحزب النهضة ممثلا للحساسية الدينية القادرة على خوض غمار المنافسة السياسية.


أما ما نستنتجه من ذلك فيتلخص في أمرين اثنين على غاية من التناقض: من جهة لم تعد النهضة بحاجة لتفعيل الآلية الدينية طالما أنها في الحكم وأنّ الحوكمة لم تعد تسمح، حالما تم الإعلان على نتائج الانتخابات، لأي طرف كان، لا للنهضة ولا لسواها من الأحزاب، بالركوب على الدين في المجال السياسي. لقد ركبته النهضة، ولا أحد سواها بقادر على ركوبه على غرارها. وهذه المفارقة تفسر كيف أنّ النخبة السياسية نصبت لنفسها ولشعب تونس فخا ليس مثله فخ، إن عمدا أم عفويا.


في الأخير لا يتم تصحيح المُركب إلا بالمُركب. فما خلفه مدٌّ ديني ذو اتجاه واحد لن يضاهيه إلا جزرٌ للموجة الدينية. وبما أنّ المدّ كان، بطبيعته ككل مد، ذا طبيعة سياسية، فإنّ الجزر، في المقابل، من المفروض أن يكون اختصاصا للفكر دون سواه. هكذا سيتمثل العمل المأمول إنجازه في مساعدة المجتمع على أن يستردّ بالفكر ما فقده بالسياسة: الوعي بأنّ الدين عامل نهوض لا عامل مزايدة. فالناس في تونس قديما استمالهم سلوك الراهبات، معلمات كانت أم ممرضات، بشكل جعلهم ينسجمون مع الحياة و يرتاحون إليهنّ. فما بالك لو كان السلوك الحسن صادرا من مربين من الأمة.


بهذا المعنى، لا خيار للأحزاب العلمانية مستقبلا سوى الاستئناس بفكر ديني ذي خطاب يُمَكن المجتمع من بناء نمط العيش الذي يلائمه ويناسب حاجياته الحقيقية. وتبعا لهذا، لا خيار لهذه الأحزاب سوى الكف عن استصغار الشعب والقبول بالإصغاء إليه.

 
محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité