Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
1 mars 2012

وجوب مساندة الاتحاد لأنه يطبق الشريعة

وجوب مساندة الاتحاد لأنه يطبق الشريعةfarhat hached


إنّ مساندة الاتحاد العام التونسي للشغل في هذا الظرف العصيب المتسم بالتجاذب الإيديولوجي أمر مفروغ منه وله مبرراته التاريخية والأخلاقية. و السبب أنّ هذه المنظمة العريقة، التي هي أقرب على قلوب المواطنين من أي حزب سياسي موجود على الساحة، لا لشيء إلا لكون دفاعها عن حقوق الشغالين إنما هو جملة من التطبيقات المتكررة والمتجددة للشريعة الإسلامية. فالشعب التونسي مسلم في غالبيته والطبقات الكادحة لم تكن لترضى بالاتحاد مناصرا لقضاياها عبر العقود الطويلة لو لم تتوسم فيه التجذر في المرجعية الإسلامية التاريخية، إن اجتماعيا أم ثقافيا أم سياسيا.


لكن من المفارقات الغريبة أن أحد الأحزاب الحاكمة يسعى إلى الاستحواذ على الرأي العام وإلى تأليبه على الاتحاد العام التونسي للشغل. ولم يجد وسيلة ملائمة لذلك إلا شيطنة الاتحاد، بينما الرصيد النضالي التاريخي الذي في جراب المنظمة العمالية لن يزيد الشغيلة، ومنه الرأي العام، إلا حرصا على الوقوف إلى جانب منظمتهم دفاعا عنها وعن مبادئ الإسلام التي يشتركون فيها معها.
ثم إن السبب في تشكل مثل هذه المفارقة هو الخلط المفاهيمي بين اليمين واليسار، إن في السياسة أم في الإسلام. فالإسلام دين يتسق جيدا مع يسار السياسة لكن الذي جرى عبر التاريخ أنّ اليمين افتكه واستأثر به ومارس بواسطته كل أنواع الاستبداد حتى من قبل أن يُخترع مفهوم اليمين واليسار.


ففي الدين كل ما هو يمين هو المحبوب لدى الله وكل ما هو يسار رديء ومكروه. بينما السياسة اليمينية واليسارية نشأت في فرنسا وأوروبا عموما بشكل مقلوب بالنظر إلى طبيعة الدين الإسلامي دون سواه. لقد نشأت ثنائية "يمين/يسار" باعتبار أنّ المسيحية، لا الإسلام، دين كنائسي ليس صالحا لكل مكان وزمان مثلما هو الشأن في الإسلام. وفضلا عن جهل غير المسلمين بالإسلام، هنالك جهل المسلمين أنفسهم، بالإسلام وبالفرق بينه وبين المسيحية وبأصول نشأة اليمين واليسار. وكان ذلك الجهل مكرسا لتبعية المسلمين للتفكير الغربي والاستشراقي، مما زاد الأمر تعقيدا بأن أصبحت التبعية نفسها مدعمة للخلط ومنتجة للتناقضات. وهذه التبعية هي التي قطعت الطريق أمام الوعي الإسلامي ليشكل وعيا يساريا مؤمنا. وكانت النتيجة أن بقي المسلمون متمسكين بعين الخطأ: كل سياسة مؤمنة إنما هي يمينية؛ وكل سياسة يسارية كافرة. بينما اليسار، إن السياسي أم النقابي، هو الذي يتسق مع مقاصد الإسلام.


بهذا المعنى يتضح أنّ يسارية الإسلام مجسمة في مساندة المحرومين والمستضعفين وملحة على الأثرياء بأن يتواضعوا ويفكروا في المسحوقين. من هنا نفهم أن الاتحاد العام التونسي للشغل قوة يسارية تسمح بتجسيم التحول المفاهيمي باتجاه استرداد المعنى المسلوب للإيمان كعضد لليسار وكمضاد لليمين في السياسة.

 تبعا لكل ما سبق إنّ الاتحاد العام التونسي للشغل، بناءً على أنّ خصومه ينعتونه باليسارية مع شجبهم لها واتهامها بأنها ليست من الإسلام، وبناءً على مبدأ يسارية الإسلام أصلا، إنما هو من دون أدنى شك قوة يسارية تقدمية من الإسلام.


بالنهاية إنه لحريّ بكل مواطن رافض أن يكون سياسيا وأن ينزل إلى سفالة السياسة السياسوية المعمول بها في بلدنا، أن يكون حريصا على أن يبقى الاتحاد، وهو ملك للشغيلة، وملك للتونسيين كافة، ذلك السد المنيع و المدافع الصلب على الشغالين وعلى حقوقهم والمدعم لمطالبهم.


محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité