Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
8 mars 2012

إنزال العَلم وتنزيل الألم وجفاف القلم


إنزال العَلم وتنزيل الألم وجفاف القلمdrapeau


ماذا إذا تناولنا مسألة العلاقة بين الدين والسياسة من زاوية مختلفة عما ألفناه؟ والدافع لذلك هو واقع لم نألفه يتمثل في تدنيس الراية الوطنية، باسم الدين، فوق مبنى جامعة منوبة في يوم 7-3-2012. وتؤشر هذه الحادثة الأليمة على تبلد العقل العمومي وتدني الذوق العام وانحباس التواصل. فهل السبب بقاء ثنائية الدين/السياسة بلا حلول؟


لقد حصل التدنيس لمّا عمد أحد السلفيين إلى استئصال الراية الحمراء والبيضاء واستبدالها بأخرى سوداء. أمّا أصل الانفلات العقلي/ الذوقي/ التواصلي فهو استبدال لون الحب والسلم بلون الحزن والقتامة، حاشى كلمتي "الله و"محمد"، ناهيك اختزال الدين الحنيف في راية سوداء.


ولا يقف الانفلات عند حد الاختزال وإنما يبلغ أبعادا خطيرة وينذر بكارثة وجودية: اغتصاب الدين (الراية السوداء) للسياسة (الراية الحمراء والبيضاء) وللدين أيضا (الراية الحمراء والبيضاء ذات الهلال والنجمة). فلم يعد الإصرار على طرح المشكلة على أنها بين الدين والسياسة ذا جدوى. لقد تكلس الطرح على غرار تكلس المشكلة، مما أدى إلى إعادة إنتاج المشكلة. فأي طرح جديد يستبدل الطرح القديم؟


لو تمعنّا في منهجية الانفلات بعد أن تمعنّا في رموزه وألوانه للاحظنا أنّ الخلط في مثل حادثة الراية بمنوبة ليس بين الدين والسياسة بقدر ما هو بين العقائد/العبادات من جهة والمعاملات من جهة أخرى. فمن حق كل تونسي مسلم أن يحلم، في أقصى الحالات مثلما هو الحال بالسلفيين الذين ينحدر منهم مدنس العلم الوطني، بعودة الخلافة مثلا. ومن حقه أن يتضرع إلى الله داعيا أن يستجيب لدعائه بإقامة دولة الخلافة ثانية، أو بتطبيق الشريعة الإسلامية أو بأسلمة المجتمع، أو بأية رغبة قروسطية وهلامية أخرى. فالحلم مطلوب سيكوولجيا وعلميا، والدعاء مطلوب إسلاميا إذ إنه مخ العبادة، ولا أحد سيلوم السلفيين لا في اختيار أحلامهم ولا في إلقاء أدعيتهم. لكن المشاكل تبدأ حين لا يميز المسلم بين الحلم/الدعاء (الدين) من جهة والمعاملة (السياسة) من جهة أخرى. فتراه يخلط بين هذا وذاك ويمزج هذا بذاك، ومنه "يعمل" بالدعاء على أنه فعل (إنزال الراية وتعويضها بأخرى) بينما الفعل/المعاملة هو منطقيا ما ينجرّ عن مسار عقلي جدلي يخضع إلى قوانين التعامل في داخل المجتمع كافة. وبحكم هذه القوانين تكون المعاملات وفاقية بطبيعة الحال ولا يستأثر عبرها الفرد، مهما كانت أحلامه ورغباته وأدعيته، بإرادة الجماعة.


بكلام آخر لا الديمقراطية حارمة الإسلام من أن يضطلع به معتنقوه، ولا الإسلام حارم الديمقراطية من أن يتحلى بها المسلمون، ناهيك غير المسلمين. فدمقرطة المعاملات لا تقصي إسلام المواطن ولا تنقص منه ولو ذرة واحدة. كما أنّ أسلمة المجتمع، مثلما يهدف إليه معظم السلفيين على غرار مدنس الراية، لا معنى لها طالما أنّ المعنى كله يقع في مستوى منهج التعامل في مجتمع ديمقراطي، وفي مكافحة مخاطر النكوص إلى الوراء التي تهدد البلاد والعباد كلما ابتعد المجتمع عن المنهج. وغياب المنهج يعني أن يُعاود الجماعات الدينية هوَسُ أسلمة المجتمع. عندئذ يصبح التدنيس الآلية الوحيدة المتاحة لهذه الجماعات، والتبليس الآلية الوحيدة المتاحة لفرقائها. ومادامت خير الأمور أوسطها فلا تدنيس ولا تبليس.


محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité