Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
4 août 2012

أضعف الإيمان أن نستردّ مكانة الحيوان الناطق

elephantأضعف الإيمان أن نستردّ مكانة الحيوان الناطق

نعتقد أنّ النخب السياسية في تونس وفي الوطن العربي انتهت منذ زمان. لقد انتهت مدة صلوحيتها وكذلك صلاحياتها. وما صعود الإسلام السياسي إلى سدة الحكم إلا نوع من قارب الإنقاذ إلا أنه، وا أسفاه، غارق هو الآخر لا محالة. فهل الجسم المعتل، مثل الجسم السياسي العربي، بقادرٍ على توليد دعائمَ لصلاحيات جديدة ولصلوحية دائمة؟ وهل هو بقادرٍ على إرساء دعائمَ لمنظومة تربوية وأخرى اجتماعية واقتصادية، فضلا عن الثقافي والعسكري وغيرها من مجالات النشاط، والحال أنه بات متأكدا أنّ نخبنا العربية فشلت على أكبر الجبهات؟ ومن أخطر هذه الجبهات نذكر: فشلها في تحييد الكيان الصهيوني عن مسار النمو الطبيعي لمجتمعاتنا؛ وفشلها في منافسة العالم المتقدم في الاقتصاد وفي المهام الرسالية العليا، فاسحةً بذلك المجال لبلدان جنوب شرق آسيا وللصين على وجه الخصوص وللبرازيل وللهند لترتقي بأنفسها إلى مراتب تدنو من مصاف الدول المتقدمة.

في ضوء هذا الانهيار الحضاري والتيه الفكري والعُقدي الذي يسنده لا نرى بُدّا من ضرورة تقديم منهجية للإصلاح على أي فعلٍ إصلاحي. وكما شرحنا في أدبيات سابقة ليس بإمكان حكوماتنا تصوّر ثم تنفيذ "السياسات الصغرى" (أي الظرفية والمستعجلة) دون رسم معالم "السياسة الكبرى" (الدائمة). وهذا الرسم بدوره يتطلب حبك وغزل منهجية للإصلاح. أمّا الجبهة التي ينبغي أن تنفذ فيها عمليات الحبك والغزل فهي الجبهة اللغوية. ونقصد بذلك، و تبعا للنتائج الحاصلة لدينا على إثر الأشواط التي بلغناها في هذا المنحى، أنّ أضعف الإيمان لإنقاذ أنفسنا من مزيد التقهقر وربما "الانقراض" (الثقافي حسب عبارة أدونيس) هو أن يستعيد الإنسان العربي مكانته ككل إنسان، مكانة "الحيوان الناطق" إن جاز هذا التعبير المقتبس عن أهل المنطق.

ويعني هذا الكلام أننا، أمام حالة احتقان التفكير الجدي وانحسار المنطق والإعاقة الدائمة التي تشل العقل السياسي حتى لكأنها أفقدته ملكة النطق والكلام (إن لم نقل أفقدته إياها بالفعل)، نتخذ من فلسفة اللغة منهاجا لتغطية كل الحقول الممكن التفكير فيها والتي تستدعي الإصلاح. وأبرز الحقول كما تراءت لنا وهي التي حصرنا في داخلها جلّ إشكالياتنا عددها ثلاثة. وهي المسجد (تجديد الفكر الإسلامي) والتواصل/الإعلام والمدرسة. كما يعني هذا الطرح أننا إذا أحسنّا إصلاح المنظومة اللغوية سيستعيد الإنسان العربي عقله ويكون بالتالي قادرا على تطبيق دينه وذلك بناءً على اعتقادنا الراسخ بأنّ هذا الإنسان ناقص عقل لا ناقص دين. وكنتيجة لذلك سيضمحل الإسلام السياسي ( لا لأننا نرغب في اضمحلاله وإنما لأنه تمظهر للمشكلة و بديل عن حل غير موجود وطال انتظاره) وبالتالي لن يعود هنالك قضية اسمها "الإشكالية الدينية" وما شابه ذلك من تسميات ذات المدلول نفسه. كما يسفر ذلك على ترشيد العمل السياسي وذلك بعد أن يتمّ بطبيعة الحال شذب التعصبِ الديني وسليلِه العنف الظلامي.

ويندرج هذا الطرح، من بين أبعاد أخرى شرحناها في دراسات سابقة، ضمن التقاليد الفكرية لمنظومة مالك بن نبي التي تشدد على أنّ المشكلة الحضارية للمسلمين لا تتعلق بشحّ في "وسائل الإقناع بالدين" وإنما في فقرٍ في تصورات "الرسالة" التي ينبغي على المسلمين الاضطلاع بها. ونحن نقول لتكميل منظومة بن نبي إنّه لئن صحّ كل ذلك فإنّ الرسالة نفسها تستدعي وسائل لبلورتها. ولمّا نعلم أنّ بلورة الرسالة هي، بالمنطق الذي دأبنا عليه وطورناه، تطبيقٌ للدين الحنيف، تصبح القضية متمثلة في شح في وسائل إقناع المسلم بكيفية تطبيق دينه. وتطبيق الدين عندنا وكما استشففناه من القرآن الكريم والسنة الشريفة هو إعمالٌ للعقل. إذن فالذي نطرحه يتمثل في منهجية لإعمال العقل بطريقة تؤمّن للمسلمِ وسائلَ لتطبيق دينه وبالتالي لإرضاء نفسه أولا وبالذات. ومَن لم يرضِ نفسه ليس بقادر على إرضاء الآخرين. ومن دون منهجية كهذه لا نعتقد أنّ المجتمع السياسي الحالي، بسلطاته العليا وبدساتيره وبحكوماته وبمجالسه التأسيسية وبأحزابه وبمنظماته غير الحكومية، قادرعلى التدارك لإنقاذ الذات والبلاد والعباد.

إن اتفق المجتمع السياسي في تونس وفي أي بلد عربي على أنّ المنهجية لتوليد وسائلَ لإعمال العقل إنما هي إصلاحٌ، وأنّها تمثل الصنف الإصلاحي الضروري دون سواه، سيما أنها تهدف إلى معالجة المشكلة الدينية من بين مشكلات أخرى مندمجة، عندئذ بإمكاننا الحديث عن كيفية اتخاذ الواجهة اللغوية كمدخل للإصلاح العام بما فيه التربوي والتعليمي والاجتماعي والاقتصادي وغيره، كما قدمناه أنفا. ومن المنتظر حينئذ أن يتشكل وعيٌ بضرورة دمج الفعل الإصلاحي بالفعل السياسي. وإلا فإنه من غير الممكن لا رمزيا ولا فعليا أن ننهض: لا أن نستعيد ملكة النطق كاملة ولا أن نقطف ثمرة الكلام الصحيح والعقلاني والمتمثلة في المفاعلات السياسية و التصورات المُوَلدة منها.



محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité