Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
22 octobre 2012

كيف نكون شركاء في برنامج وطني للإنقاذ

silhouetteكيف نكون شركاء في برنامج وطني للإنقاذ

تمثل الحقبة الحالية من تاريخ البلاد ظرفا غامضا وعسيرا ومثيرا للجدل إذ إنها حقبة تواجه فيها تونس تحديات منها الداخلي ومنها الخارجي. أما المناسبة فهي استهلاك السلطة المنتخبة للشرعية السياسية والتي مدتها سنة واحدة تنتهي في الـ23 من أكتوبر الجاري والتي تتطلب رسم توافقات حول التداول الديمقراطي على السلطة نظرا لأنّ السلطة الحالية لم تكن قادرة على رسم خارطة طريق واضحة بخصوص المراحل القادمة. وفي هذا الظرف بالذات، وفي كل الظروف المماثلة التي تستبطن بذور الشقاق والفرقة والانقسام والتأزم، لا نملك إلا أن نساهم بفكرة تندرج ضم برنامج لتقويم السلوك الحضاري.

 في هذا السياق نرى أنّ الأفراد والجماعات التي لا تملك المهارات الثورية اللازمة لرفع التحديات من الأجدى أن يتوقفوا عن الحديث عن الثورة وعن الثوار، وعن التلظي غضبا على الحكام وعلى المسؤولين من دون الإسهام في تقديم البدائل الفكرية والسياسية. كما ندعو القيادات السياسية والسلطة الحاكمة للتخلي عن الاستخفاف بالشعب وبرغبته في التحرر، وبإرادته للتقدم، وبثقافته الجديرة بأن يتخذ منها نبراسا ابتغاء التحرك الفعلي في المجتمع، وبتاريخه الحضاري الجدير بدفعه إلى الأمام على درب الإنجاز. ولا يسعنا أيضا إلا أن نلح على الجميع بالنأي بأنفسهم قدر الإمكان عن اعتبار الإسلام اصطلاحا أو عجلة خامسة أو جهازا محمولا أو سلعة تُهرَّب، و في المقابل بمحاولة التحلي بروح الدين الحنيف للتدبر. ولكل الأطراف والفاعلين المعنيين نقول إنّ الوفاق السياسي يتطلب مهارات دون أخرى، ودُربة خصوصية، و مرتكزات علمية. وفي ما يلي جملة من العناصر نقدمها نسوقها في شكل أصناف من الإيمان، علنا نساهم في برنامج عام للإنقاذ الوطني.

أولا: الإيمان أنّ "مثلما تكونوا يولَّى عليكم" كما ثبت لدينا كنتيجة لاستقراء الحديث الشريف.

ثانيا: الإيمان أننا "نكون" طبق سُنن نتحمل نحن كبشر مسؤولية استقراءها، وأننا كتونسيين مَثلنا مَثل البشرية كلها مهما كانت ديانتها وثقافتها وحضارتها.

ثالثا: الإيمان أنّ فساد الواقع بكل تلويناته، الإيديولوجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، لا يعني أنّ من الضروري الانغماس فيه وإلا سنتهم بالمثالية وبالطوباوية.

رابعا: الإيمان أنّنا قابعون في الواقع الفاسد بدعوى الواقعية والإذعان لأحكام الواقع، بينما ما نجنِيه من هذه الوضعية الخاطئة المبنية على إيمان خاطئ هو إعادة تكرير الواقع الفاسد نفسه. وفي هذا السياق لا ينبغي ان نتعجب من محاولة السلطة الحاكمة الحالية العودة بنا إلى الاستبداد. فالنظام الاستبدادي وغيره من الأنساق و القيم السيئة والمنافية للحياة الكريمة لا تسقط بمجرد نعتها بأبشع النعوت. فمنهج الشجب والاستنكار والتنديد والاتهام، لمّا لا يُردَفُ بالمنهج البنائي، خاطئ لأنه يستهلك الوقت الذي كان ضروريا لنسج التصورات و لبناء البدائل.

خامسا: الإيمان بالقدرة الذاتية على تغيير الواقع وبأنّ كلنا أفرادا ومجموعات ومجتمعا نمثل موارد لا تنضب لتموين التصورات الضرورية لمستقبل أفضل، مما يكون ضمانة لتوفر صورة استباقية لواقع أفضل يقدم نفسه على أنه المستقبل. ولا يكتمل رسم هذه الصورة من دون عناء وعمل وابتكار. ولا يكفي أن تنكب الأحزاب السياسية على إعداد برامج للإصلاح والتنمية. فإعداد البرامج يتطلب إعداد المجتمع النشيط والفاعل أي القادر على الإسهام في تصور البرامج. وهذا غير متوفر في تونس اليوم.

سادسا: الإيمان بأنّ الأحكام الإلهية إنما هي علامات دالة على الطريق المستقيم نتفاعل معها لنكيف أفكارنا وسلوكنا نحو الأفضل، فضلا عن كونها خطوطا حمراء تمثل أقصى ما يمكن إن يحدث، إن خيرا أم شرا. وبالتالي الإيمان بأنّ هاته الحرية التي يمنحها لنا الدين الحنيف محررة للإرادة أولا، ومن ثمة للقدرة على التصور بصفته صنفا عظيما من التدبر، ثم للحركة. والحركة لا تؤدي إلى الفعل إلا لمّا يتوفر التدريب المدرسي والاجتماعي والسياسي على البرنامج كله. بينما العقلية الدينية التواكلية هي السائدة الآن في المجتمع، مما أثر وما زال يؤثر سلبا في موقف الفرد والمجتمع من السياسة ومن العمل السياسي وذلك باتجاه حرمانه من تسخير طاقاته كاملة، أي بما فيها الطاقة الدينية، للعمل السياسي، ومما خندق الطاقة الدينية في حزب او أحزاب دينية تكون بهذا المعنى أعراضا لمشكلة أكثر منها بدائل سياسية عما يسمى بالعلمانية. حيث إنه حتى إن اعترفنا بوجود عقلية تقدمية في عديد الأوساط ولدى عديد الفئات المجتمعية فإنّ تلك العقلية نشأت تقدميتُها على مرتكزات معادية لفكرة أنّ الدين عاملٌ للحركة وللتطور وللارتقاء، وهي وضعية تُنسب خطأ إلى العلمانية بينما هي مؤشر على تزييف للإسلام وللعلمانية على حدِّ سواء. إذن فالمسألة الدينية في تونس ليست مشكلة دينية ولا إيمانية ولا إيديولوجية ولا سياسية بقدر ما هي منهجية.

سابعا:  الإيمان بأن الناشئة في بلدنا، إن في علاقتهم مع العائلة أم في المدرسة أم في الجامعة أم في المجتمع، لا يدرون كيف يتواصلون لا مع السلطة ولا مع الأحزاب ولا مع الإعلام ، لذا فإنهم يبقون محرومين من ممارسة حقهم وواجبهم في إيصال مشاعرهم وآرائهم وأفكارهم التي تُشكل تصوراتهم التي يرغبون في تحويلها إلى أفعال ينسجون بواسطتها الواقع الجديد، المستقبل. وهذا الحرمان هو للأسف المحرك الأساس للفوضى السياسية التي نشهدها الآن في بلد قوام سكانه جمهورُ الشباب. وهي المادة التي يغتذي منها الاستبداد ويهدد بعودة قوية تكمُن قوّتُها في كَونها مدعَّمة موضوعيا. فهل القادم أفضل؟

محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité