Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
4 novembre 2012

عقدة الأجنبي وأزمة القرار الوطني

drapeau_ohibokعقدة الأجنبي وأزمة القرار الوطني

" لن تغفر لنا أمريكا الاعتداء الذي نفذه سلفيون على سفارتها ومدرستها في بلادنا"؛ "انتظر سوف ترى كيف سينتقمون منا شر انتقام"؛ "اطمئن سوف يستخلصون مثنى وثلاثا ورُباعا مَعاليمَ الخسائر المادية التي مُنيت بها ممتلكاتهم". 

من خلال مثل هذه المقولات والتعليقات وبصرف النظر عن ضرورة شجب أعمال التخريب والعنف التي تعرض لها رمزَي السيادة الأمريكيين في ما صار يعرف بـ"أحداث 14 سبتمبر"، يتبين لنا أنّ جُلّ الناس في بلدي (على غرار أشقائنا في الوطن العربي) لا يفرقون بين الواقعية والخنوع للأمر الواقع، بين الاعتزاز بالنفس وبالوطن وبالانتماء إلى أمة ذات أمجاد وبين التواكل وانتهاج العقلية الخرافية والتفكير السحري، بين أن يكون المرء فاعلا وبين أن يكون مفعولا به. ويتفرع هذا الموقف إلى ألوان عديدة ومختلفة من السلوكيات كما يُترجَم إلى سيول من الأقوال والأحكام الجامدة جمود الفعل الحضاري. والخطير في الأمر أنّ سلبية هذا الموقف الشعبي الشائع لا تكتفي بالتأثير فقط في أحاديث الشارع وتكييفه وإنما تتوسع حتى تطال الرأي العام السياسي ومنه القرار السياسي الوطني. حيث إنّ الفلسفة الشعبية هي تحديدا بطانة الفكر السياسي العُلوي، تلوّنه بتلويناتها وتكيّفه بخيرها وبِشرّها. إذن مادام الأمر كذلك فإنّ المنهجية الأصح تتطلب أن يدرك الشعب ونخبه المثقفة والسياسية أنّ مجرد أن تكون أمريكا القوة العالمية الأعظم أمرٌ واقعٌ لا ينفي ضرورة التعامل معها بندية. اللهم إلا إذا اعتبرنا، معاذ الله، أنّ الندية لا تمُتُّ للواقعية بصلة.  

ومن القوالب الجامدة، التي كانت مَخفية والتي كانت الثورة التونسية فرصة سانحة لها لكي تطفو على السطح، أن يعتبر المواطن التونسي (والعربي) الولايات المتحدة الأمريكية كائنا قاهرا لا يمكن منافسته أو أسطورةً حية لا يجوز تحدّيها وتركيز مبدأ الندية في العمل المشترك معها. وعادةً ما يتصدر الموظفون و المتعلمون وحتى المدرّسون قائمة المتمسكين بهذه العقيدة، فما بالك بالمواطن البسيط وبالتلميذ وبغير المتعلم. فهنالك من يتحدث إليك عن الديمقراطية على أنها شرّ لا بد منه بدعوى أنها لم تعد تلك القيمة الكونية المرغوب إرساؤها وإنما أضحت بضاعة  مفروضة علينا فرضا من طرف الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا. بل ويؤكد هؤلاء لك أنّ اقتصاد السوق والليبرالية المتوحشة لا بدّ أن يُقاسا بنفس المقدار من الحتمية التي يقيسون بها حتمية التنزيل الديمقراطي.

 وعادةً ما ينأى أصحاب هذه الرؤية بأنفسهم عن كل محاولة فكرية تهدف إلى خرق هذا الحاجز المرَضي. كما أنّ هنالك من يعتقد أننا متخلفون لأنّنا لا نضاهي الأوروبيين والأمريكان في مجال الاقتصاد، مما يجعلنا نستقرأ من خلال خطابهم مسلّمة معتلة تسيطر على تفكيرهم وعلى سلوكهم. وهذه المسلمة مفادُها أنّ الاقتصاد هو المدخل (السحري) إلى التقدم المتعدد الأوجه، بينما ليست هنالك قوة مجتمعية تصحح هذه الرؤية وتدل أصحابها على أمثلة من تاريخ الأفكار لكي يتبينوا أنّ الاقتصاد القويّ لا يُبنى بعقلية خانعة وتابعة للأجنبي وخالية من رِفعة الهمة والقدرة على الخلق والابتكار، وبالتالي أنّ مجرد التخلص من هذه العُقدة يعتبر لبنة في مشروع تحرير المخيال السياسي لكي ينجز التصورات الاقتصادية النابعة من تصوّر أصيل ومتطور للحياة. فإيلاء الاقتصاد المكانة الأعظم في العقيدة وفي التفكير يعني استبعاد سائر العلوم ومجالات النشاط الإنساني من العقيدة ومن الفكر.

على تلك الشاكلة حصل رميُ المنديل وبالتالي السماح لآفاتٍ تتراوح بين التزمت الديني والمُيوعة الإسلاموية المستلبة للآخر، الأوروبي والأمريكي، لاكتساح كل ساحات الحياة. فهلاّ تذكّرَ بنو جلدتنا ضروب المقاومة التي مارسها القدامى وبعض المعاصرين من زعمائنا وقادتنا للتصدي لكل أصناف الاستقواء الخارجي؟ وألم يحن الوقت لاستنساخ تلكم المناهج ابتغاء الاقتداء بها في مجال مقاومة القابلية للتبعية من داخل المجتمع بعد أن أثبتت جدواها في طرد الاستعمار الخارجي المباشر، حتى تساهم في إرساء وسائل الدّفاع الذاتية، الكفيلة بضمان حرية القرار الوطني و الاستقلال الوطني، قطريا و إقليميا وعالميا؟

محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité