Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
19 novembre 2012

هل سيتم إصلاح التعليم حقا؟

ecoles_en_dangerهل سيتم إصلاح التعليم حقا؟

في شهر مارس المنقضي وصلتني من وزارة التربية رسالة شكر، وأسف لعدم إدراج مداخلتي في برنامج "الندوة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية" التي عقدت أيام 29 و 30 و31 من نفس الشهر. واكتفت الوزارة بدعوتي للحضور كمتفرج. في حقيقة الأمر لم أكن راضيا عن الدعوة لحضور المناقشات وذلك لأسباب من أهمها أذكر:

أولا، أنا من المدرسين المباشرين في المعاهد الثانوية ولست من المتفرجين على العملية من بعيد، ولا حتى من قريب. أنا من الذين في داخل المنظومة ومنها وإليها. لذا فإذا لا يدعوننا نحن لإثارة المشكلات الحقيقية للقطاع، مَن المؤهل غيرنا للقيام بذلك؟ ثانيا، لاحظت من خلال بعض الدعوات  للمشاركة بمداخلات أن هنالك تركيز على التوجه من الصنف المعلوماتي و الاتصالي الذي كان يغلب على التوجه المنهجي وعلى التوجه البرمجي. طيب، هذا جميل إلى حدٍّ ما. لكن جماله ظاهري فقط.  أما باطنه فيتمثل في تخوف المربين المباشرين من أن يكون مثل هذا التوجه حداثوي لا غير، أي أن يكون تواصلا للدعاية الالكترونية والفنية والتقنية التي كان يروَّج لها من طرف نفس الوزارة قبيل سقوط دولة الفساد. وإلا فما الذي يخيف الساهرين على إدارة القطاع لو عاودنا الانطلاق في التفكير الجدي في وسائل ومنهجيات الإصلاح التربوي بالاكتفاء بالطباشير وبالقلم وبالسبورة، حتى يكون التفكير سليما وعذريا؟ ثالثا، إن مخاطر تفخيم الواجهة الأداتية ( السمعية البصرية ومتعددة الوسائط) تتمثل بالخصوص في الحيلولة دون رؤية الحاجيات الحقيقية للناشئة، وذلك أينما كانوا، من بنزرت إلى برج الخضراء. فمدارس القُطر التونسي تحتضن شبابا من بينهم نسبة كبيرة لا تتوفر لديهم ضروريات الحياة من مأكل وملبس وترفيه، فكيف نفكر في تزويد هؤلاء بمنظومة للتربية والتعليم تتوخى الإغراء بواسطة وسائل عصرية خلابة وجلابة مثل السبورة الالكترونية و"الداطاشو" بالرغم من أنهم غير قادرين أحيانا على التمتع بالوجبات الثلاثة الضرورية للبقاء على قيد الحياة؟ أين الاتساق بين ماهية المتعلم من ناحية ومضمون الدرس ومنهجيته من الناحية الثانية؟"

لو كان الفاعلون في القطاع التربوي يعتزمون إرساء منظومتين تربويتين اثنتين، واحدة خاصة بميسوري الحال الذين يقدرون على مسايرة الوسائل العصرية، وواحدة مخصصة للمعوزين ولأبناء وبنات المناطق الريفية والنائية، أكون متفهما ولو أني لن أكون راضيا بالمرة. أما أن يُحدثنا المشرفون على القطاع عن منظومة واحدة، كما يريده المنطق، ففي هاته الحالة يتوجب على كل الأطراف الضالعة في العملية التربوية أن يتوخوا الرصانة وبُعد النظر. فالتوازن مطلوب في التربية والتعليم. و لا يحصل ذلك إلا بفضل الوسطية، بدءً بالرؤية الشاملة ومرورا بتشخيص الحاجيات وانتهاءً إلى توزيع الأغراض والأهداف، وذلك بفضل توخي العدل بين الجهات وبين الفئات الشبابية المتمدرسة وبين المدارس بأصنافها المختلفة وبين المناهج والوسائل التعليمية. عندئذ يمكن التفكير في إدراج الأدوات العصرية ولِم لا تعميمها.

بالنهاية إن اتفقنا على حاجتنا إلى منظومة واقعية تكون متكاملة ومستجيبة لحاجيات شباب تونس ككل، فلنتفق من الأول على التواضع  حتى  نبلغ درجة من التفكير في من لا موارد حياتية لهم، وفي الريفيين، وفي أبناء صغار الفلاحين، وفي البدو، وفي الرحّل. وسندرك حينئذ أنّ هؤلاء ما زالوا في غنًى عن المنظومة الالكترونية السحرية. فالذي يحتاجونه قبل أي شيء آخر الآن ليست وسائل الإيضاح السمعية والبصرية وإنما ما الذي سينجزونه، إن بواسطتها أم من دونها.

محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité