Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
14 septembre 2013

من الغالب، أنصار الشرعية أم أنصار المشروعية؟

من الغالب، أنصار الشرعية أم أنصار المشروعية؟

تعاني تونس، مثقفون وسياسيون وشعبا، من أزمة لغوية تتسم في قضية الحال بخلط رهيب بين مدلول مفردتين اثنتين وهما "الشرعية" و"المشروعية". وعلى العكس من ذلك فإنّ كل التحاليل التي تنشرها كبريات الجرائد والمجلات العالمية التي تناولت بالدرس قضية خلع الرئيس المصري الإخواني وتتناول أيضا استتباعاتها اليوم وتأثيرها على تونس، بما أنها محايدة حتى لو قضى تحليلها بأن تنصف الإسلام السياسي وأنصاره ، تستخدم كلمة "مشروعية" دون الأخرى. لكن بالرغم من ذلك فإنّ الطرف المساند للإخوانية في تونس (كما في مصر)، دون سواه، ما يزال حريصا على الشرعية قولا وفعلا.

وإن دل هذا الحرص على شيء فإنه يدل على أن الطرف الإخواني، النهضوي، قد خانه الواقع الميداني وإذا به لم يرَ بدّا من التعلق باللغة، دون الواقع، وذلك في محاولة منه لتطبيع المستمع والقارئ والمتتبع للسياسة والرأي العام مع الفكرة عبر هرسلته بالكلمة. والحال أنه، واقعيا وإجرائيا وميدانيا، قد تم استهلاك مفردة ومفهوم "الشرعية" وأن الواقع الجديد لم يعد يطرح إمكانية استعمال كلمة "الشرعية" أبدا، ناهيك أن يحول مفهومها إلى إنجاز ملموس.

لقد انتهت الشرعية ميدانيا في تونس لمّا مرت سنة ولم يفِ المجلس الوطني التأسيسي بوعده (والعهد "مشروعية" أكثر منه "شرعية") ولم يُتمم كتابة الدستور. وانتهت الشرعية لمّا خرج الشعب إلى الشارع (وهي "مشروعية" وليست "شرعية") على إثر اغتيال المناضل شكري بلعيد ثم بعد خمسة أشهر تقريبا على إثر مقتل القيادي محمد البراهمي، ليعبر عن استيائه من الحكم وعن غضبه لاستشراء العنف والإرهاب (وهي "مشروعية" وليست "شرعية"). وانتهت الشرعية بتشكيل جبهة الإنقاذ الوطني وبانسحاب عشرات من نواب الشعب من التأسيسي وبتنفيذ اعتصام الرحيل وبتحرك المرأة التونسية في يوم عيدها وبخروج عشرات الآلاف من المواظبين على العمل المشروع والمستنهضين للمشروعية للشارع في "يوم الحسم" (في 7 سبتمبر/أيلول).

إن التلكؤ الذي تشهده الساحة العمومية في تونس بشأن سير المفاوضات من أجل الخروج بتونس من عنق الزجاجة لدليل على أنّ الصدام المفهوماتي بين "الشرعية" (وهي منتهية الصلوحية) و"المشروعية"، وهي التي يتوجب اعتبارها دون سواها كحجر الزاوية في مسار الحوار الوطني ومبادرات الإنقاذ، مازال يضرب بقوة، مسفرا عن انقطاع الحوار تارة وعن فشله طورا.

في ضوء هذا نعتقد أنّ الكرة الآن في ملعب الترويكا وعلى الأخص حزب حركة النهضة وأنصارها وأتباعها. أما المطلوب من هؤلاء فهو توخي الواقعية السياسية. وأول شرط تضعه هذه الأخيرة إنما هو الانصياع للمشروعية. لكن هل يعني هذا أنهم مطالبون بالتخلي عن الشرعية؟ مهما بدَا الأمر متناقضا فإن الإجابة بالنفي هي الأصح. أي أنّ التشبث بالشرعية أمر "مشروع". لكنه ليس "شرعيا" و ذلك بموجب تصدي أنصار "المشروعية" له. بهذا المعنى لا يكون التشبث بالشرعية مصيبا ومُوَلدا لمواقف إيجابية إلا في صورة اعتماده كأرضية، (سابقة ومنتهية الدور والوظيفة، ويقتصر وجودها على ذلك)، تنتصب فوقها المطالب "المشروعة"، وهي التي تلحّ عليها الأطراف الأخرى من فرقاء سياسيين ومن فئات غير منتمية حزبيا.

بكلام آخر، ليس أمام الترويكا وبالخصوص حزب حركة النهضة من خيار إنقاذي سوى تقبل هيمنة "المشروعية" (الواسعة) على "الشرعية" (الضيقة) من دون التفريط في مكانها على الخارطة السياسية بصفتها نتاجا لانتخابات شرعية لا محالة. ولمّا تشعر هكذا الأحزاب الحاكمة بالسكينة التي سيضمنها لها بقاؤها كمُكوّن رئيس في المشهد السياسي، فما عليها إلا أن تستجيب، لحاجيات أنصار "المشروعية" واحدة بواحدة وبلا مماطلة.

عندئذ يكون المجتمع قد نجح في تسريح قنوات التواصل. وعندئذ يكون للمقترحات وللمبادرات المختلفة ثقلها الصافي في ميزان الدفوعات السياسي. وسوف يكون البرنامج الإنقاذي الأفضل توفيقا في التأليف بين الشرعية والمشروعية، إن مبادرة اتحاد الشغل أم غيرها، هو الفائز بأوفر حظوظ النجاح حتى تتجنب البلاد مسببات المزالق والانقسامات والتشرذم.

محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité