السياحة: نريد كثبانا صلبة لا كثبانا الكترونية

السياحة: نريد كثبانا صلبة لا كثبانا الكترونية

هنالك على المواقع الالكترونية من هم بصدد صبّ جامَ غضبهم – الحقيقي-  على وزيرة السياحة لكن بدعوى أنّ السياحة مبعثٌ على المجون وشرب الخمر والدعارة. هذه نظرة أخلاقوية للأمور حيث إنّ الأخلاق الحميدة ليست رهنا بالابتعاد عن الفنادق والشواطئ والنوادي ولو كانت ليلية. إلا أني شخصيا أتمنى أن أكون من هؤلاء الذين يحاولون تأسيس وعي بإمكانيات بلادٍ هي في الحقيقة كبيرة و ليست صغيرة، كما يُدعَى.

 لَما كانت تونس لتصغَر ولتفقر في عيون أجيال بأكملها لو لم تكن عقدة الأجنبي المرتبطة بالاستعمار هي التي غرست هذه الصورة الخاطئة في عقول التونسيين وبالأخص الشباب منهم.

إنّ السياحة كما أتصورها لبلد مثل تونس يومَ تستعيد ثرواتها المنهوبة وثقتها بأبنائها وبناتها كبلد فعلا كبير، فضلا عن كونه ثري، هي سياحة مثل المُحَليات ("الديسير") بعد الأكل لا بمثابة الطبق الرئيسي مثلما نشأنا على رؤيتها تُتناول.

لكن هيهات، فإنّ فعاليات مثل حدث "الكثبان الالكترونية" الذي انعقد مؤخرا في منطقة عنق الجمل بالجنوب التونسي لا تعدو أن تكون سوى بالونات دعاية، سرعان ما تتضاءل وتفرغ من الهواء.

إنّ هذا الحدث يحتوي على كل مكونات العولمة، قليلُها ذو مدلول إيجابي وكثيرُها ذو مدلول سالب: مشاركة جنسيات مختلفة في إعداده، توجهه إلى شباب تونسي (عاطل وغير عاطل عن العمل) تغره الألوان والألحان بينما شح فرص العمل في تونس تتطلب حدا أدنى من الجدية مع التضحية بما هو ترفيهي وبهلواني، ويستهدف جمهورا عالميا استعدادا لبيع المنتوج السياحي التونسي بأبخس الأثمان، كما تسنوجبه السوق الرأسمالية المفترسة. والحال أنّ تونس:

تريد مخابر للمدارس والجامعات التونسية.

تريد مرافق ترفيهية ورياضية في كل حي.

تريد فلاحة مُمَكنَنة ومتطورة.

تريد صناعات ثقيلة ومعامل متعددة.

تريد كثبانا صلبة لا كثبانا الكترونية.

محمد الحمّار