Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
7 juillet 2010

لا يُروّضُ غولَ العولمة إلاّ عقيدةُ العالمين



لا يُروّضُ غولَ العولمة إلاّ عقيدةُ العالمين

لا يمكن لعقل غير مبرمج على وتيرة العولمة، مثل العقل المجتمعي للعرب والمسلمين، أن يهضم
أية تغييرات تقنية وعلمية لمجابهة هذا الغول الذي اسمه العولمة، من دون أن يتغيّر نظام تفكيره من ألفه إلى يائه. لنستعرض ما الذي يعرقل مثل هذا التوجه الرامي إلى التحرّر من كلّ ما هو فاسد، وتأصيل كلّ ما هو نافع. ثمّ لنحاول استقراء قانونٍ ما، يتوجب علينا إتباعه لنقطع مع الاستلاب و نكون نحن.

ففي شروط عذارة العقل العربي في باب العولمة، كل ما يقرره المقررون المحليون من سياسات بعنوان مجابهة اكتساح العولمة لكافة المجالات يعتبر مضيعة للوقت، لماذا، لأنه ليست هنالك نظرية محلية، شاملة ومتكاملة، يأخذ أصحابها على عاتقهم تغيير نظام التفكير العربي الإسلامي، من نظام تابع وخنوع إلى نظام مولّد للإبداعات بشتى أنواعها، و يكون العلم واحدا من روافده لا عنوان العناوين من دون فائدة.

وطالما أنّ كل فكرة تُقدَّم اليوم، وكل كلام يقال أو يكتب، وكل إجراءات تُقرر، فهي منبثقة من داخل النظام العقلي السائد، وهو نظام تابع وخنوع رغم ادعائه مجابهة العولمة، فلا فائدة ترجى من هذه الأفكار والأقوال والإجراءات. وفي المقابل، إنّ خير الحلول هي إعادة هيكلة العقل المجتمعي بواسطة أدوات فلسفية وتربوية يكون التجديد الديني محورها الأساسي.

وتصديقا لهذا الافتراض، لن يقدر المواطن العربي المسلم المتهافت على السلع والراغب في الوفرة أن يمتثل لأي إجراء أو قانون يحاول منعه من ذلك إذا لم يعِ أنه الآن آخذ لعقيدة التوحيد في الإسلام  مقلوبة رأسا على عقب: إذا لم يدرك، مثلا، أنه من المفروض أن يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا، لا أن يذعن للجشع فيتسارع في نيل المال وتكديس الثروات، من حلاله ومن حرامه، لكي يوفر لنفسه ولذريته مزيدا من وسائل الرفاهة غير الضرورية، اليوم قبل الغد، كأنه يموت غدا، بينما الآلاف من الأرواح المسلمة، عارية الأجسام، في الشوارع نائمة وإلى ربها متوسلة.

كما لن يقدر المثقف ومن باب أولى وأحرى الأكاديمي والباحث، الذي يرغب في المشاركة في تأليف حلّ لمجابهة العولمة، أن يوصل كُنهَ نتائج بحوثه إلى أغوار العقل والقلب لدى الإنسان العربي إذا لم تكن هذه النتائج في تماس موصوف مع نظرية عربية شاملة للنهوض.

ولن يقدر الأكاديمي على النجاح في حصر مشكلة العولمة طالما أنه يطرحها على أنها جسم له إيجابيات وسلبيات، أي على أنه جسم يتوجب الأخذ بما يناسبُنا منه ودحض مالا ينفعنا منه.
بينما، من منظور التحرر الإيديولوجي الرامي إلى النهوض، لا يهمنا مثل ذلك الطرح  بقدر ما يهمنا تناول مكونات العولمة (الحاسب؛ الجوال؛ السوق؛ التلفزيون المشفر..)متفرقة بصفتها أدوات، ثم تحويلها إلى وسائل تفتِك بكل ما في العولمة من أضرار. والشرط يكمن في استخدام تلكم الوسائل في ظل نظرية شاملة مسخرة بالضرورة لإعانتنا على رفع التحديات الحضارية بشموليتها.

ولكي يتسنى للفرد وللمجوعة أن تندرج في هذا النظام الجديد (نظرية شاملة، مع استخدام أدوات العولمة كوسائل للتحرر من العولمة) لم يعد الأمر يتعلق ، مثلا، بتجميع المعلومات عن العولمة أكثر منه بالغوص في أعماق الوعي العربي، بكل كدح من أجل تثوير ملكات الإبداع الكامنة في العقل  ثم النفاذ من تحت الطبقة السميكة من الاسمنت المسلّح التي عمادها العولمة، نحو الفضاء الجديد، فضاء التوليد الذاتي للواقع الجديد.

وهذا غير ممكن من دون تثبيت عقيدة التوحيد، في قلب المؤمن، في وضعها الطبيعي، الوضع المستقيم. ولعل العولمة، بأدواتها المتعددة وبطبيعتها الشمولية والعلمية، فرصة لا ينبغي أن يُفوّتها المسلمون على أنفسهم لتحقيق الاستقامة في وضع العقيدة، ومنه لتحقيق الاستقامة لوضعهم هم أنفسهم.

و يبقى هذا الأمر موكولا، لا لراديكالية العبادة والدين، بل لراديكالية الصراع الفلسفي الهادف، ومنه فإنّ النخبة المثقفة من أمة المسلمين، وخاصة الأكاديميين منهم، مطالبة بتقويم  نظرها وتوجيهه الوجهة الصحيحة، إلى حيث هي مُخولة أن تنظر، حسب متطلبات وحاجيات العقل العربي الإسلامي وروحه: لا السياسة ولا الإيديولوجيا، بل البحث العلمي المستنير.

وفي ضوء حاجيات هذه الأمة الآنية، من شروط البحث العلمي الراديكالي و المستنير أن لا يخلط المفكر والعالم والباحث بين السجلات: إنّ العمل التنظيري، بخلاف العمل الأكاديمي، لا يحتاج إلاّ للقليل من المعرفة الكتابية. ناهيك أنّ هذا الصنف من الاجتهاد هو منهجي النزعة، وأنه من حاجياتنا الأكثر إلحاحا، لأنه هو الذي سيُمكننا من إعداد نظريات علمية تتنافس من أجل نيل السبق على بعضها البعض أو التأليف من بعضها البعض، في مسار التحرر الإيديولوجي والنهوض الشامل.

لكن لمّا يتمّ اختراع النظريات ثم تثبيتها وانتشارها، حينئذ سيسمح "القليل" للكثير، الذي كان متخلّى عنه، بأن يدور بثبات وفعالية داخل المحرّك النظري.

بهذه الطريقة يمكن توليد واقع جديد لا يشبه الوضع السائد، وتُبنى الحرية العربية. والله أعلم.

محمد الحمّار


.

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité