Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
31 janvier 2012

الإسلام محاصَر من طرف الخاسر و القاصر

الإسلام محاصَر من طرف الخاسر و القاصر

الإسلام محاصر داخليا من طرف فئتين: بعض أطياف الإسلام السياسي التي اخترقها الاستشراق والاستعراب، ومن جهة أخرى هؤلاء الذين يواجهون الإسلاميين بغير بديل فكري يلغي سبب وجودهم كظاهرة زائلة. والإسلام محاصر خارجيا، بسبب حصاره داخليا، وهذه المرة من طرف قوى الهيمنة العالمية والاستقواء الفاعلة في داخل العالم العربي بالذات.
نتيجة لذلك يوجَد العرب، الرعاة التاريخيون للإسلام وأوّل من أنيطت بعُهدتهم مهمة الاستخلاف في الأرض، في وضع سيئ للغاية. ومن أسوأ ما يعاني منه حراس الدين الحنيف كضريبة لعدم قيامهم بمهامهم تجاه الإنسانية أنّ مجالهم الثقافي أضحى مغتصبا، ومنذ مدة، من طرف ترسانة التبشير النصراني السياسي.


لقد شاهدتُ قبل أسابيع فيديو على فايسبوك يصفُ، بكل ما تحمله الصورة من دقة، ما ينجزه المستعمر الأمريكي من تبشير في داخل المجتمع العراقي المسلم. وكدتُ لا أصدق ما شاهدتُ لولا المراجعة الفكرية التي قمت بها في ما بعد. حيث كان من أخطر ما تذكرتُه الحضورَ الملفت للانتباه للجالية الأمريكية في تونس اليوم. وهي جالية تتقن اللغة العربية، والعامية التونسية بالذات، كما لا يتقنهما مواطن أصيل بلد عربي شقيق. ولست حاكما على النوايا حتى أجزم بما هُم فاعلون في تونس بالضبط، إلا أني أتوجس أنّ حضورهم مشبوه، سيما وأنه قد سبق أن مرَرنا في تونس بتجربة "استضافة" ما كان يسمى بـ"فيلق السلم". وهي مؤسسة أمريكية كانت توفد، منذ الستينات مُدَرسين للغة الانقليزية، يباشرون بالثانويات التونسية مع الاستئناس بالغرض الاستخباراتي.


إنّ الذي يؤلم أي عربي غيور ليس الحضور الأجنبي في بلده، أو حضور المسيحية كعقيدة في المجتمع، بقدر ما هو تخلي المجتمع عموما عن وظائفه الروحية والأخلاقية حتى تسنى للتنصير أن يتحَول إلى تبشير بإيديولوجيا الحرب والدمار لدى المبشر. والغريب أنّ هذا الاستسلام العربي يتم باسم الإسلام وباسم الوطنية وباسم حقوق الإنسان. فكيف يقبل عاقلٌ، مثلا، أن يُغلق بلد عربي سفارة بلد عربي آخر على أرضه، مهما كان السبب، بينما لا تنبس سلطة هذا البلد ببنت شفة إزاء السلطة الأمريكية التي دمّرت بلدا بحاله مثل العراق و لوّثت ثقافته وهاهي تبدل هويته الدينية في محاولة لِمحقه، ومَحق من يشاركه في الثقافة والدين.


إننا في تونس نتخاصم ونتناظر ونُجابه بعضنا البعض حول ما إذا كان من الممكن أن ندرج جملة في الدستور المزمع كتابته تُجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني، أو حتى مجرّد تلميح إلى خطورته، بينما جُلنا يجهل أنّ دستور الدولة المهيمنة الأولى، راعية إسرائيل، والتي يهابها ويخشاها الذين يرفضون إقحام ملاحظة وقائية كتلك، مبنيّ على الدين وعلى الأخلاق وعلى التوسع من أجل إعلاء كلمة الرب، اقتداء بوصايا التورات، لتكون أمريكا "المدينة التي على الهضبة و التي من الممكن أن تنشر مبادئها في الأرض كافة" (دجون وينثروب- ايبيدام ص 165-166).


كفانا نفاقا اضطراريا إزاء أنفسنا وأخلاقنا ومبادئنا، ولنشرع في الاضطلاع بمَن نحن في جوهرنا. ولنعترف أنّنا حزانى بمجرد إدراك أننا منتمون إلى أمة "اقرأ" ومع هذا عاجزون عن قراءة ما هو في داخل أنفسنا. ولنعمل على أن نعالج هذا العجز كي نشرع في تصور السياسة الكبرى، التي ستكون شريعتنا، وفي رَسم أهدافها وإعداد الوسائل لها. سنكون حينئذ سعداء بإدراج عبارةٍ في الدستور تذكّر أنّ تونس "مدينة على الهضبة، مُحَلقة بدافع نشر مبادئ ثورتها في الأرض كافة".


محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité