Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
13 février 2012

دعوة لختان الإناث أم لختان العقول؟

دعوة لختان الإناث أم لختان العقول؟

لما رآني تاجر الحي مارًّا بجانب دكانه استوقفني بكل شغف ليعبر لي عن تهليله بقدوم الداعية وجدي غنيم إلى تونس وليمجد الرجل ويحمد الله أن أتيحت لنا الفرصة في هذا البلد لاستقبال الدعاة من أمثال غنيم وعمرو خالد. تركتُ الزوبعة تمر وتوجهت إليه قائلا:


" أقولها بصراحة لكن بشيء من التحفظ، كل ما أعرف عن الشخص عبر منشورات التونسيين على فايسبوك أنه "خاتن الإناث". لكني اصطفافي إلى جانب الجماعة الرافضة له لا يعود إلى صحة ذلك النعت من عدمه. كما أنّ حرية استقبال دعاة كانوا لا يدخلون تونس بسبب التوجه العلماني المتطرف للنظام السابق شيء، والاستماع إلى هؤلاء ثم الاستمتاع بخطابهم أو ادعاء الانتفاع بهذا الخطاب شيء ثانٍ.


 أولا، هؤلاء الدعاة ليسوا غرباء عن التونسيين حيث إن خطابهم معروف من خلال الفضائيات. إذن فقد أثروا على الرأي العام في تونس بطريقة أو بأخرى ويعتبرون طرفا هاما في تكوين الرأي العام الإسلامي، السياسي وغير السياسي، عندنا. ثانيا، هل يعجبك هذا الرأي العام الذي يتفرج في حكامه وهم يصولون ويجولون في أرجاء أوروبا وأمريكا ويُطرون على الغرب ويعدونه بالتمادي في زرع أنساقه وأفكاره وسياساته وأنماط عيشه في المجتمع العربي المسلم؟ هل يروق لك أن أصبح فينا من يحتمي بحلف الأطلسي احتماءه بأخيه وبابن عمه لضرب أشقائنا في ليبيا (ونفس المحاولة في طور الإنجاز في سورية)، ناهيك ما حدث في العراق في مناسبتين وفي أفغانستان من قبله، وناهيك التلاعب بقضية الشعب الفلسطيني؟  هل حصدنا من خطاب الدعاة غير التبعية للآخر والتقليد الأعمى له مع تمجيد السلف وعبادة الأشخاص؟"


"أخي الكريم، أسألك هل تجوز دعوة المسلم للإسلام، وهل يجوز تعليم الطائر كيف يطير والسمكة كيف تسبح وحتى الببغاء كيف يقلد الأصوات، و هل يجوز غرس فطرة "ثانية" لا قدر الله في نفس جُبلت على الفطرة لكنها لم تكن قادرة على رعايتها والحفاظ عليها خالية من كل الشوائب؟ فطالما أنّ الإسلام "فطرة الله التي فطر الناس عليها" (صدق الله العظيم) و"يولد المولود على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يُمجسانه" (حديث نبوي)، لماذا إذن البحث عن المصالحة مع الذات ومع العالم في مجالات ابتعدت عن الفطرة بُعد السماء عن الأرض، بما فيها المجال الديني؟ وما دين الفطرة إن لم تصلح الدعوة له لتصحيح رؤى المسلمين لواقعهم ولمستقبلهم حتى لا يلجأ السياسيون منهم إلى استعمال الدين مطية للتعويض عن ذلك بمواقف فلكلورية؟


ما من شك في أنّ المجتمع العربي المسلم قد جمّد العمل بالدين كفطرة (كـ"مادة شعورية" بتعبير الفيلسوف اللبناني جوزف أبو رزق)، وهو رافدٌ تواصلي بامتياز، وأقصى بذلك الدين عن كل مجالات الحياة بالرغم من أنها كلها معنية بالتواصل، لكي يصبح الدين مسألة تابعة للعقل (مادة اصطلاحية بتعبير أبو رزق) لا تلبي حاجيات العقل. معنى هذا أنّ الدين لم يعُد عامل توحيد ووحدة واتحاد بين البشر كافة مثلما أراده لنا الله وإنما أضحى طرفا في معادلة عقلية لكنها نفعية يشترى به الشر أكثر مما يُحقق به الخير.

wajdi-ghnim
فيبدو أنّ الذي يريده المسلم، وحتى غير المسلم اليوم، لا هي السمكة ولا هي طريقة صيد السمكة (كما يقول المثل الصيني الشهير)، وإنما أن يتجاوز حالته كسمكة أرغِمت على العيش خارج الماء وها أنها على شفا حفرة من الموت. ويكون المطلوب حينئذ للنجدة تأهيلا ذاتيا كي يصبح قادرا على توفير شروط العيش حسب إمكانياته الفطرية، المدعمة بوسيلة العلم والمعرفة، في محيط مادي ومعنوي وروحي هو مجبول على العيش فيه.


 أخي في الدين ونظيري في الإنسانية، تاجر الحي، أقول لك بالنهاية إنّ من يدعو المسلمين لغير هذا فهو خاتن عقول، وكم بودي أن أصدق أنّ كل داعية، سواءً دعا لختان الإناث أم لم يدعُ، ليس خاتن عقول."


محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité