Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
28 février 2012

هل كان عبد الناصر شيطانا أم نحن الشياطين؟

هل كان عبد الناصر شيطانا أم نحن الشياطين؟jamel abdennasser


لست ناصريا ولا عروبيا أو قوميا معاديا للإسلام ولا إسلاميا معاديا للعروبة وللقومية. مع هذا فكاد يغمى عليّ من الألم لمّا عاتبني أكثر من زميل لي في الشغل على نشر صورة جمال عبد الناصر كصورة رمزية في حسابي الفايسبوكي. لقد نزلت ملاحظاتهم على ضميري كالصاعقة وشككتُ هنيهة أني لم أعد مواكبا لا للتاريخ ولا للأفكار.


بيد أني شهّدت ووحّدت بعد أن أعرب لي بعض مَن عاتبني أنه يفضل رمز نعوم تشمسكي (الذي نشرته بعدئذ كبديل، تبعا لعادتي في تغيير الرموز، لا غير) على رمز عبد الناصر. اندهشت حينئذ من أنّ الشخصية غير العربية (ولو كان اسمها تشمسكي) تحظى بأكثر تقدير وتبجيل من الشخصية العربية، وبالرغم من أنّ هذه الأخيرة اسمها جمال عبد الناصر: عبد الناصر الذي نشأنا على مواكبة خطواته و الاستماع إلى أقواله وقراراته على المذياع؛ عبد الناصر الذي خسر العرب بقيادته حرب 1967 إلا أنه كان الأقرب من قلوب الصغار والكبار؛ عبد الناصر الذي قهر الفرنسيين والانقليز بتأميمه لقناة السويس (في 1956) حتى أنهما اعتديتا على مصر بمعية إسرائيل ( ما يعرف بـ"العدوان الثلاثي)؛ عبد الناصر الذي ترنمنا بنشيد يمجده (اللحن المميز لبرنامج الإذاعة الليبية) حفر عميقا في خلدنا وكلماته تقول "ناصر، ناصر، يا حرية يا وطنية يا روح الأمة العربية"؛ عبد الناصر الذي لما وافاه الأجل المحتوم (في سنة 1970) نزلت كل أهالي مصر إلى الشارع والمذيع المصري يردد عبارات تأبينية لن تنسى " جمال يا أعز الرجال"، والتصقت كل المسامع بالمذياع لتشييع جنازة عن بعد آلاف الأميال من مصر.


ثم يا ليت زملائي المعاتبين الذين فضلوا رمزية نعوم تشمسكي على رمزية جمال عبد الناصر فعلوا ذلك عن وعي سببي يربط بين الهرمين العالميين. حيث إنّ علم نعوم تشمسكي، ربما من باب سخرية القدر، هو الذي يحبذا  يخول لنا أن نتعلم ألا ننسى رموزنا ومرجعياتنا وسياسيينا، مهما كانوا سيئين أو ميكيافليين أو فاشلين أو مستبدين أو جاهلين، ناهيك لما تكون المرجعية اسمها جمال عبد الناصر حاكم مصر وقائد العرب وباعث أكثر من ثورة حتى خارج مصر. فكيف ينسى العراقيون والعرب أجمعين صدام حسين وهو الذي حكم بلده، إن خيرا أم شرا، لمدة 34 عاما، ناهيك صدام حسين الذي احتضن الشغيلة العربية والذي بعث بالمساعدات العينية والمدرسية إلى بلدان معوزة مثل مصر وتونس؟ وهل يجوز أن ينسى الليبيون معمر القذافي الذي حكم ليبيا لمدة 40 عاما والذي يسحب عليه الشر كما يسحب عليه الشر؟ بل وهل من المعقول أن يأتي يوم ندعي فيه نحن التونسيون أننا لم نحكم أبدا بمَن اسمه بن علي، ناهيك أن يتضمن كلام بعضهم أنّ الحبيب بورقيبة لا يستحق حتى أن نترحم عليه؟ فاللغة عند تشمسكي ولادية، إذن أليس حريّ بنا أن نبني على ذلك المبدأ العلمي لندرك في مرحلة تمهيدية أننا أناس مطالبون بأن نؤمن بأنّ "الوَسّادة تغلب الوَلاّدة" (تبعا للمثل الشعبي التونسي، "الوَسّادة" هي الزوجة و"الوَلاّدة" هي طبعا الأم).


بالنهاية أملي أن لا نحيد عن مرجعياتنا وأن لا ننسى رموزنا وأن لا نتغافل عن مبدأ النسبية في التعامل مع تاريخنا. فقاعدة التصفية والغربلة لغاية التمييز المتجدد بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، و بين الجيّد والرديء، و بين السمين والغث، تستدعي مراجعة استعجالية. فلسنا مطالبين لا بصناعة الشخصية المعبودة ولا بتعمد صناعة شخصية البطل المضاد. نحن فقط مطالبون باستقراء القانون، إن القبلي للعلم أم العلمي، والذي يجسمه قوله تعالى: "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ"‏(‏ الرعد‏:17)‏.


محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité