بين مَن ومَن سيدور الصراع الحقيقي؟

( بين مَن ومَن سيدورالصراع الحقيقي ؟(خطة التحرك والتغيير

ومن جانب آخر الجدير بالملاحظة أنّ المعركة الإيديولوجية الحقيقية اليوم ليست تلك التي تجري خطأ بين إسلاميين وعلمانيين أو بين يمين ويسار وما إلى ذلك من المزايدات والمغالطات. إنما المعركة الفكرية والسياسية الحقة التي ينبغي أن تحدث هي تلك التي ستكون بين أولئك الذين يعلمون والذين لا يعلمون: الذين يعلمون أن ما يسمى بالثورة التونسية إنما هو ما ينطبق عليه "كلمة حق أريد بها باطل" أي أنه حدث كان لا بد أن يحصل إلا أنّ احتضانه بالطريقة التي تم بها الاحتضان كانت مدبرة منذ زمن بعيد. وهذا لم يعد يخفَ إلا على الساذجين؛ والذين لا يعلمون هم هؤلاء السذج الذين انطلت عليهم الحيلة ولم يفعلوا شيئا ليكتشفوا حقائق الأمور.

لكن في كلتا الحالتين وفي انتظار أن تعمّ معرفة الحقيقة، ننبه من مغبة أن يقع أولئك وهؤلاء في خطأ قد يقضي لا قدر الله على آمال كل التونسيين في تحقيق التحرر، ألا وهو خطأ اعتبار أنّ الشعب التونسي لم يكن ليثور لولا وجود الخطة المهيأة لتوجيه حركة الشعب. إنه لخطا جسيم قد بدأ يقع فيه بعض الناس. وهؤلاء يعرفون بأقوال مثل "ياريت بقي بن علي" و"ماتبدّل شي" و"بن علي كان أفضل".

إنّ الثورة حراك يسنده الإيمان بفكرة التغيير وبإمكانية الإسهام في تحقيق التغيير. ولا تغيير من دون المساهمة الشعبية الواسعة في فعالياته. من هذا المنظور المطلوب تحقيقه قبل أن يزداد الوضع السياسي العام تعقيدا هو التوحد على الأقل حول ضرورة التغيير نحو الأفضل، وذلك مهما كان الصف الذي ينتمي إليه المرء، إن كان صف الذين يعلمون أو صف الذين لا يعلمون.

محمد الحمّار