Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
16 juillet 2010

لن يؤسس الفكرَ الكوني الجديد إلاّ مُسلمو الأصل

لن يؤسس الفكرَ الكوني الجديد إلاّ مُسلمو الأصل


الإسلام دين "مُعولِم" بالأساس. ومن سوء حظ أسياد العولمة، الاقتصادية والثقافية المهيمنة، أنهم جاؤا قاصديننا على ميدان نحن أسياد العالم فيه، فلن نفرّط في ذرّة واحدة من حرية المسلم أو نَذَرْها تتعَولَم.


مع ذلك لقد فهم السيد أوباما ما لم يفهمه بعض الحركيين المسلمين الأوربيين و الأمريكان. ويُفهم من خطاب القاهرة الشهير أنّ الشرق مُستحقّ بعدُ لأن يستعيد حقه في زعامة الفكر التنويري انطلاقا من الإسلام. وبناءا عليه، أعتقد أنّ الشرق لم يعُد في وضعٍ يقبل فيه درسا آخر عدا ذلك الذي يُعنى بالعلم والتكنولوجيا وتنظيم العمل وسائر الخدمات، ناهيك لمّا يكون عنوان هذا الدرس "الإسلام".

ومن الجهة المقابلة، أميل إلى الاعتقاد أنّ الإسلام، في صورته الوافدة من أوروبا وأمريكا، قد تأثر بهَول وشرّ غولٍ اسمه العولمة إلى حدّ أنّ ما يبنونه دعاته من فكر إنما  يحمل في طياته الآثار السلبية للعولمة. ومن هذه الآثار نذكر الخلط بين أصناف غير قابلة للخلط: خلط الإسلام بالديمقراطية بعنوان التوفيق بينهما.

إنّ الديمقراطية سياسة وإيديولوجيا، ومن باب أولى وأحرى واحدة من إيديولوجيات العولمة. ولمّا يتأكد المثقفون المسلمون أنها كذلك، كيف يسمحون لبني ملّتهم من المسلمين الخلط بينها وبين الإسلام، وفي الوقت نفسه، يحرمونهم من مزج السياسة بالإسلام؟ هذا الصنيع، من جانب المُروّجين لهذا الخلط، وهم إخواننا في الدين بالمهجر، يُعدّ من قبيل الهرطقة وأيضا من قبيل الكسل الفكري. أمّا من جانبنا، مسلمو الأصل، فلو قبلنا به لكان استسلاما لا إسلاما، بِما أنه كان سيكرّس قابليتنا لأن نتواصل مع الهيمنة الأجنبية، مع  فارق عجيب ومضحك في الأسلوب هذه المرّة ؛ أقصد أنّ الأدهى والأمرّ هو أنّ الهيمنة  كانت، لا قدّر الله، سَتطالُنا بواسطة أفضل ما لدينا: الإسلام.

ثمّ لو كانت الديمقراطية غير السياسة وغير الإيديولوجيا وغير العولمة، بمعنى لو كانت "الديمقراطية" كلمة خير أُريد بها خيرٌ، لَما تمّ اختزالها في كلمة، ومنه الالتصاق بها كشماعة لنكساتنا وخيبة آمالنا. وبالتالي إذا أردنا، كمسلمي الأصل والمنبت الذين مازالوا يُعانون من تخلف الفكر السياسي ومن عدم استبطانه الإيجابي للعولمة، أن نجسّد طموحاتنا في تحقيق تنظيمٍ أفضل لحياة مجتمعاتنا يتسم بأكثر حرية وعدل وكرامة، حريّ بنا أن نحاول استنبات نظام، لا من مزيج الديمقراطية والإسلام ، بل من مزيج متكوّن من الفكر الكوني الذي أفرزته أنساق التفكير والتنظيم في المجتمعات الديمقراطية، و من الفكر النابع من الثقافة الخصوصية و النسبية و الأهلية، ذات الطابع الثقافي الإسلامي.

بهذه الطريقة في التفكير سيتسنى لنا، لا فقط تشييد بناءٍ متجذر في الثقافتين، الوافدة والمحلية، وإنّما أيضا النجاة من العذاب الذي يتسبب فيه لنا غول العولمة (سوقا وثقافة استهلاك وديمقراطية). وهؤلاء الذين سيتعاملون مع الغول بحذر ووعي وتروّ وتحسّب وحيطة هم الذين سيكونون قادرين، دون سواهم،  على البحث أكثر عن الحرية الباطنية رغم كل الخسائر الحاصلة في البوتقة الخارجة عن النفس. ومن سيكون هؤلاء الناجين بالمبدأ إن لم يكونوا مثقفو المَنبت والأصل المؤمنون؟

لكنّ النجاة النهائية من الغول مفهومٌ ذو وجهين: إن قصدتَ تفادي السمات التقنية للعولمة فذلك أمر صعب المنال بل ورجعيّ المنحى؛ وإن أنتَ قصدتَ تفادي قدرة هذا الغول الفائقة على تهميش التزام الناس، وعلى لفّ أرواحهم بشريط لاصق، عندئذ سأقول لك إنّ هذا هو المطلوب إنجازه من طرف كل مسلم، ناهيك مسلمي أوروبا وأمريكا، لأنهم منبثقون من تربة مزروعة بالعولمة، وبسائر مكوناتها من ديمقراطية مؤدلجة ومن ثقافة الترفيه والرفاهة ومن مبدأ السوق بلا حدود، ولأنهم ضلّوا أطرافا في أزمة وجودٍ عالميةِ الأبعاد.

هنا يأتي دور مثقفي و مسلمي المَنبت والأصل. فهُم الأكثر تأهيلا للتفاعل الإيجابي مع غول العولمة وفي نفس الوقت التحرر من هيمنته. وهم الذين لم يولَدوا في بيئة مزروعة ببذور العولمة؛ وهم الذين مازالوا تواقين إلى غدٍ أفضل نظرا لعدم بلوغهم  حدّ الكفاية في إشباع  طموحاتهم الميتا- مادية من عدالة اجتماعية وعزة وتحقيق للاستخلاف. وبذلك سيكونون هم الأوائل في تنوير بقية العالم حول أفضل المسالك للوصول إلى تحرير المدارك.

مهما يكن من أمر، فالمصير الإيديولوجي للعالم بأسره مرتبط بمدى توفيق مسلمي المنبت والأصل في التفاعل مع الغول، ثمّ بمدى نجاحهم في الاشتراك مع سائر المسلمين في تصريف عقيدة التوحيد في شروط العصر الراهن وإعادة تدوير كل المعارف حسب معاييرها وشروطها، بالعقلانية الإيمانية لا بالتخمين والتفكير السحري، بالعبادة الشاملة لا فقط بأداء الطقوس، بالعلم المُعقلَن والمُوجَّه لا بالعلم المُطْلق المسخَّر للإنتاج وبالتالي لِتكريس عقيدة الوفرة والاستهلاك.

في الواقع هنالك تفاعل وتفاعل؛ فلا بدّ من التفريق بين طريقة وأخرى. يحدث التفاعل الجيّد، طالما أنّه الصنف المنشود، لمّا تنجزُه بغرض نزع الكساء الإيديولوجي عن العولمة ثم بتحقيق البناء الفكري فوق أرضية نظيفة ستُبرْهنُ بفضله أجيال المستقبل على صحة إيمانهم بالإسلام وعلى سلامة العقيدة التي تموّنُ تطلعاتهم و مشاعرهم وأحاسيسهم وأفكارهم.

محمد الحمّار

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité