Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
Publicité
Archives
Derniers commentaires
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
الإسلام والعصر/New Epoch Islam
28 août 2010

التحقنا برَكب الحضارة ولم نلتحق بالحضارة

التحقنا برَكب الحضارة ولم نلتحق بالحضارة

بالتأكيد لقد انطلَت على النخب والمجتمع الكبير الفكرةُ الشبيهة بالحيلة (مع أنها ليست كذلك) والتي مفادُها أنّ العقلانية لا يكون مأتاها إلاّ فكر من دون دين، حتى ولو كان هذا الدين اسمه الإسلام، حتى ولو كان الإسلام معروفا بأنه جاء ليُكمّل البُعد الروحي الذي نمّته المسيحية من قبل وذلك بإضافة البُعد العقلي والعلمي إلى الروحانية، ما جعله دين العقلانية والتوازن بين الروحي والمادي بامتياز.

ولمّا لم يقدر المسلمون، بقيادة مثقفيهم، على تكذيب الفكرة الغربية ودحضها، برهنوا أنهم صاروا يفكرون بالتحديد بآليات العقلانية المتناقضة وغير العاقلة التي نقلوها نقلا عن الغرب. ولهذا السبب لم يكن لا المجتمع ولا النخب قادرين حتى على أن يسحبوا المشكلة على أصحابها الأصليين، دعاة العقلانية الغربية المضطربة؛ فسحبوا المشكلة على المجتمع الإسلامي نفسه.

وهذا المنعرج هو الأخطر في مسار التيه الذي سلكه  قطار المجتمع العربي الإسلامي خارج السكة. بينما لو كان المجتمع والنخب متمسكين بفكرة التوحيد في الإسلام من خلال العلم فضلا عن تمسكهم بالإيمان بها كعقيدة، لتبينوا كم هو مُعوَجّ العقل الذي استوردناه من الغرب المسيحي وكَم هي مُزورة العقلانية المؤلفة منه والتي استلمناها منهم باسم مشعل التقدم وباسم "اللحاق بركب الحضارة" وكم هو حقيقي إعفاء المسيحية، من طرف معتنقيها، من التدخل في صياغة الفكر المجرّد انطلاقا من العقل المجرّد، ولكن كم هو صحيح أيضا، وهنا تأتي المفارقة الفاجعة، أنّه تمّ الإبقاء في المقابل على وظيفة التدخل في صياغة دوافع الفعل التاريخي من جهة، وصياغة الأهداف والغايات التي ينبغي تحقيقها استراتيجيا وعسكريا ودبلوماسيا وسياسيا بواسطة إعمال ذلك العقل المجرد؛ وهذه الوظيفة الأخيرة بقيت حكرا على الإيمان والدين في الثقافة المسيحية (واليهودية) المهيمنة، ولم يتمّ تركها في واد آخر كما يزعم المنظرون الغربيون للعلمانية، وكما يعتقد المنظرون العلمانيون العرب والمسلمون إتباعا لهم.

على أية حال، و مع حرصي على أن لا نكون متشائمين أو جاحدي فضل الثقافة الغربية المهيمنة بعلمانيتها المتناقضة (المجردة من الدين ظاهريا فحسب)، أو ناكرين لجميل نخبنا التي ناضلت من أجل الاستقلال  ثم من أجل عقلانيةٍ تسند التطور، أقول إننا قد توصلنا بعض الشيء إلى استلام المشعل من الغرب، قطعا، لكننا استلمناه من ذيله، أين أخذت ثلاثية النهم و الفجور و المادية مقرا دائما لها. فلم يكن استيراد العاهة الثلاثية والمقولات التابعة لها، والتي ليست منّا، خطأ فرويد مثلا حتى يحدو بكثير من المتدينين من المسلمين أن يناهضوه وعلمه كما ناهضوا علماء كونيين غيره.

كان الخطأ خطأنا نحن بالدرجة الأولى لأننا لم نكن محصّنين بما يكفي للذود عن الجسم الاجتماعي سليما من ذلك الفيروس. ومن هذا المنظور ليس الخطأ خطأ الغرب أيضا، رغم خطئه إزاء نفسه وذلك بعدم فلاحه في تبليغ رسالته بالعقل المجرد، ولا هو مؤامرة أخرى تبرر عدم انقطاع الأصوات تلو الأصوات عن جلد الذات وعن التذمر من استهداف الآخر لنا. فالمؤامرة عادة ما تتشكل ملابساتها بعد تأكد ضحالة الجسم الذي تستهدفه وليس حين يكون هذا الجسم مصونا ومحميا.

وللإحاطة بالمزيد من الملابسات التي أبقت علينا مخدّرين عوضا عن أن ننهض فنمضي قُدُما بالمشعل المتسلَّم عن مضض وعن سوء تقدير، جدير بالتشديد على أنّ "اللحاق برَكب الحضارة" حدثَ، هكذا، من قاطرته الأخيرة المُعطبة والمختزلة لأسوأ ما يتوفر من مساوئ. و حدث في وقتٍ بلغ فيه العقل (الغربي) أوج عطائه إلى أن صار يُصدّر الرداءة وما شابه الرداءة ليحتفظ ، نظرا لعدم توفر الكفاءة اللازمة لدى المنافس (نحن)، بالسمين من الأسرار العلمية والكنوز المعرفية لنفسه. أمّا المفارقة التي في ظاهرها عجيبة لكن في باطنها قابلة للتعليل تتمثل في كون هذه الطريقة في اللحاق بركب الحضارة ألحقتنا بالركب ولم تُلحقنا بالحضارة، وأنّ الركب كان وما يزال حجر عثرة أمام بلوغ الحضارة و التقدم المنشود.

فلم يكن اللحاق بركب الحضارة مقدمة لرقينا وتحضرنا كما رسخ خطأ في إيمان نخبنا. كان عكس لذلك ونجمت عنه نتائج عكسية من الواجب على كل مثقف حصرها ومجابهتها بالبحث والتمحيص.

محمد الحمّار

ملاحظة:

من أراد الإطلاع على الدراسة كاملة يتفضل بقراءتها وهي بعنوان


"السياسة الكبرى من أجل ميلاد أمة من رحِم الأمة"

Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité